
19-06-2005, 12:45 AM
|
مشرف
|
|
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
|
|
( حلقة 2 )
(ب) الكلمة المجسدة:سنتناولها في آخر موضوعنا هذا.
- فدائماً وفي كل مكان حفظت الكنيسة وما زالت الأصل الرسولي للأناجيل:
للأسف نرى أن دائرة المعارف البريطانية تكذب وثيقة الفاتيكان في هذا وتقول: "إن النسخ الأصلية الإغريقية لكتب العهد الجديد فنيت منذ مدة طويلة وفيما عدا بقايا في صعيد مصر فإن كل النسخ التي استخدمها المسيحيون في الفترة التي سبقت مجمع نيقية قد غشيها نفس المصير".
كما يكذبها السير آرثر فندلاي فيقول: "يجب أن يعلم كل إنسان أنه لا توجد وثيقة واحدة أصلية متعلقة بحياة عيسى".
ولكن يؤكد ناشر إنجيل برنابا أن البشارة بنبي الإسلام محمد واردة في الأناجيل بنصها القرآني حيث يقول في تقديمه للإنجيل المذكور "نقل الشيخ محمد بيرم عن رحالة إنكليزي أنه رأى في "دار الكتب البابوية بالفاتيكان" نسخة من الإنجيل مكتوبة بالقلم الحميري قبل بعثة النبي وفيها يقول المسيح:
(ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)
وذلك موافق لنص القرآن بالحرف .. ثم يعلق على ذلك بقوله: (فظهر أن في مكتبة الفاتيكان من بقايا تلك الأناجيل والكتب التي كانت ممنوعة في القرون الأولى ما لو ظهر لأزال كل شبهة عن إنجيل برنابا وغيره )، فأين هذا النص القرآني في الأناجيل المتداولة اليوم؟.
فإذا كان الفاتيكان المبجل يصر على قوله بأنه حقاً يحتفظ بالأصل الرسولي للأناجيل، فلماذا يبقى صامتاً أمام هذا السيل المتدفق من النقد اللاذع للأناجيل في العالم الغربي والشرقي على حد سواء ؟، ثم لماذا لا يحرك ساكناً أمام ملايين بل وبلايين الطبعات الجديدة للأناجيل التي تطبعها المطابع وتوزعها دور النشر خارج أسواره كل يوم حتى وقتنا الحاضر بدعوى التنقيح والتصحيح كل مرة فتحذف منها ما تشاء وتدخل فيها ما تشاء حتى جاءت مليئة بالتناقضات، وأصبح كل إنجيل فيها يناقض نفسه بل ويناقض الآخر من كثرة ما دس فيها وحذف منها!!؟.
"ولقد اعترف نورتون حامي الإنجيل والمدافع عنه اعترافاً يعتبر متواضعاً إذ قال:
"إن سبع مواضع في الأناجيل إلحاقية وليست من كلام الإنجيليين. فلقد صرح في كتابه أن الإصحاحين الأولين من إنجيل متى ليسا من تأليفه،)
علماً بأن هناك نصوصاً أخرى كثيرة كاذبة وإلحاقية لم يذكرها، كما اعترف شهود يهوة بوجود50000 خطأ في الكتاب المقدس بعهديه كما أسلفنا. فلماذا إذاً يلوذ الفاتيكان بالصمت، ولا يكشف عن "الأصل الرسولي للأناجيل " لتتقيد به جميع الطوائف إن كان حقاً يحتفظ بتلك الأصول!. إذ ما فائدة الاحتفاظ بها في خزائن مغلقة وهناك أكثر من عشرين طبعة مختلفة للكتاب المقدس بعهديه في السوق ليس فيها طبعة واحدة تطابق الأخرى؟ لا سيما الطبعة اليهودية اَلإِسْرَائِيلِيَّة الأخيرة التي صدرت في القدس سنة 1970 م بعد أربع سنوات من فضيحة تبرئة اليهود من دم المسيح سنة 1966 م والتي يمكن وصفها بأنها العهد الجديد خالياَ من معاداة السامية حيث حذفت من نسخة الملك جيمس المعتمد (الذي صدر سنة1611 ) كل العبارات التي تشير إلى ما ارتكبه اليهود في حق المسيح والمسيحية فتم محو كل كلمة اليهود من أسفار العهد الجديد ليحل محلها أهل اليهودية، أو الرعاع أو المعتدلين أو العامة أو الوثنيين.
4- الرسل نقلوا إلينا الأناجيل أنفسهم:
وهذا أيضاً للأسف يكذبه النقاد المسيحيون الغربيون. ولا شك أن المسيحي العادي سيصدم عندما يعرف أن أيًّا من كتبة هذه الأناجيل الأربعة لم يكن تلميذاً للمسيح أو شاهد عيان للأحداث. فتعالوا نقرأ أَقْوَال النقاد المسيحيين الغربيين أنفسهم:
(1) متَّى: يقول موريس بوكاي "انه لم يعد اليوم مقبولاً أنه أحد حواريي المسيح " أي مؤلف إنجيل متَّى الحالي ليس هو في الحقيقة متى التلميذ.
(ب) مرقص: "كولمان " لا يعتبر مرقص تلميذاً للمسيح ويقول نينهام: لم يوجد أحد بهذا الاسم كان على صلة وثيقة وعلاقة خاصة بيسوع أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ، ويقول بابياس عنه: (لم يكن قد سمع يسوع ولا كان تابعاً شخصيأ له ).
(ج) لوقا: أديب وثني آمن ببولس بعد رفع المسيح، لم يدرك عيسى ولا رآه، ومثله مثل بولس الذي بدوره لم يدرك عيسى ولا رآه.
(د) يوحنا: لا يتمسك غالبية المعلقين بالفرض القائل إنه هو الذي حرر الإنجيل الرابع.
ويقول ر. هـ تشارلز، وألفرد لويزي، وروبرت ايزلر: إن رأس يوحنا (الحواري) قطعه أجربا الأول سنة 44 م أي قبل تأليف هذا الإنجيل بكثير، وأن هذا الإنجيل كتب سنة 110- 115 م من قبل كاتب مجهول وليس يوحنا بن زبدي التلميذ.
ماذا يعني كل هذا؟!. ببساطة يعني دحضاً لوثيقة الفاتيكان المذكورة على لسان النقاد المسيحيين أنفسهم، كما يعني توضيحاً لكل غافل من نصارى اليوم أن أيًّا من مؤلفي الأناجيل لم يكن تلميذاً أو رسولاً للمسيح كما يدعي الفاتيكان. وهل يعقل أصلاً لتلاميذ المسيح الذين وصفتهم الأناجيل بأنهم كانوا صيادي سمك أن يؤلفوا أناجيل وباللغة اليونانية!!؟.
5- الأناجيل كتبت بتأثير من الوحي الإلهي:
الحقيقة لا ندري على ماذا اعتمد الفاتيكان في هذا. إذ أن هذا الادعاء لا يشاركه فيه أحد من النقاد، ولا حتى كتبة الأناجيل أنفسهم. والكنيسة فقط هي التي تدعيه ولا تملك الدليل عليه، والغرض من ذلك هو إضفاء هالة من القداسة المزعومة على هذه الأناجيل التي كان للكنيسة القديمة في تحريفها أو حتى في كتابتها اليد الطولى.
وادعاء الوحي هذا ادعاء غير صحيح أيضاَ وعفى عليه الزمن. فالجميع اليوم يعلم أن الوحي لم ينزل إلا على الأنبياء الذين اختارهم اللّه. وكتبة الأناجيل هذه ليسوا بأنبياء. إضافة إلى أن الفاتيكان لم يخبرنا بأي طريقة من طرق الوحي كتبت هذه الأناجيل، ولا المدة التي استغرقها الوحي في النزول عليهم، وما الفائدة من تكرار الوحي نفسه أربع مرات أحياناً في أربعة أناجيل. كما لم يخبرنا الفاتيكان كيف يمكن للوحي أن يناقض نفسه في أناجيلها، ولو فكرت كنيسة الفاتيكان قَلِيلًا لسحبت قولها هذا فوراً لأن التناقضات التي امتلأت بها الأناجيل تكذبها، في الوقت الذي فيه الوحي لا يكذب نفسه ولا يناقضها. ولو جاز تطرق الاختلاف في أخبار وحي السماء لبطلت جميع الشرائع. لذا لا يوجد ناقد نزيه يؤيد الفاتيكان فيما ذهب إليه بشأن الوحي الذي زعمه، بل يؤكدون أن كل كاتب كتب من نفسه حسب الطائفة أو الكنيسة التي كان ينتمي إليها بعد رفع المسيح بدون أي تأثير من الوحي، ولهذا السبب جاء التناقض والاختلاف بين الاْناجيل. ويعترف الليبراليون من البروتستانت بأن كتب العهد الجديد إنما هي وثائق تسجل بداية العقيدة المسيحية وهي مثل أي من الوثائق التاريخية القديمة معرضة للبحث العلمي والنقد اللغويا.
ومن ناحية أخرى نجد بابياس يقول:" في الواقع إن مرقص الذي كان ترجماناً لبطرس قد كتب بالقدر الكافي الذي سمحت به ذاكرته دون مراعاة للنظام"
أي كتب إنجيله من ذاكرته دون أخذ التسلسل الزمني بالاعتبار، وليس بالوحي.
وهذا "شارل. جان بيير" أستاذ المسيحية ورئيس قسم الأديان بجامعة باريس وهو مسيحي المولد والثقافة ولقد مات على ذلك وهو كاثوليكي متعصب وليس فيه نزعة عرق يهودي ولا عربي حتى يتهم بالتعصب ضد المسيحية يكذب الفاتيكان فيقول: "ويجب علينا أن ننظر إلى الكتب التي تدعي سرد سيرته (أي الأناجيل- لاحظ قوله "تدعي " في الوقت الذي هو مسيحي-) على أنها مؤلفات تستند إلى كثير من التحكم والنزعات الذاتية... وتصفح الأناجيل وحده يكفي لإقناعنا بأن مؤلفيها قد توصلوا إلى تركيبات واضحة التعارض لنفس الأحداث، مما يحتم معه القول بأنهم لم يلتمسوا الحقيقة الواقعية، ولم يستلهموا تاريخاً ثابتاً يفرض تسلسل حوادئه عليهم بل على العكس من ذلك اتبع كل هواه وخطته الخاصة به في تنسيق مؤلفه ".
كما تقول الموسوعة الفرنسية المجلد السابع عشر:إ إن الناس قد تكلموا في كون الكتب المقدسة إلهامية، وقالوا إنه يوجد في أفعال مؤلفي هذه الكتب وأقوالهم أغلاطاً واختلافات مثلاً إذا قوبلت الفقرة من متَى 10/19-20 مع مرقص 13/ 11 مع 6 أعداد من أول إصحاح 23 من كتاب أعمال الرسل يظهر ذلك. وقيل أيضاً إن الحواريين ما كان يرى بعضهم صاحب وحي كما يظهر هذا من مباحثاتهم في محفل أورشليم، ومن إلزام بولس لبطرس، وقيل أيضاً إن المسيحيين القدماء ما كانوا يعتقدون أنهم معصومون من الخطأ".
وتقول الموسوعة البريطانية المجلد الحادي عشر: "قد وقع النزاع في أن كل قول مندرج في الكتب المقدسة هل هو إلهامي أم لا... فقال "جيروم" و " كرتيس " و "أرازس" و"بركوبيوس" وكثيرون آخرون من العلماء: إنه ليس كل قول فيها إلهامياً" ثم قالوا في المجلد التاسع عشر: "الذين قالوا إن كل قول مندرج فيها إلهامي لا يقدرون أن يثبتوا دعواهم بسهولة".
أما إذا كان الفاتيكان بعد كل هذا يصر على رأيه فنشير عليه بالرجوع إلى مقدمة إنجيل لوقا التي تنسف زعم الوحي هذا من أساسه. إذ يقول لوقا في مقدمة إنجيله: "إذا كان كَثَيْرُون قد أخذوا بتأليف قصة في الاْمور المستيقنة كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة رأيت أنا أيضأ إذ تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب أيها العزيز ثاوفيلس... ".
فلوقا يعترف أن السابقين ألفوا قِصَصًا وذلك ينافي الإلهام. وهو يقرر أنهم تسلموا هدْه المعلومات من الذين كانوا منذ البدء معاينين لا من روح القدس، ثم هو يقرر عن نفسه بأنه نوى وبدأ يكتب ما تتبعه في الأول، فأين الإلهام؟ وأين الوحي؟.
وكان الأولى بالقساوسة الذين أصدروا وثيقة الفاتيكان ووقعوا عليها أن ينزعوا مقدمة إنجيل لوقا من كل الأناجيل في العالم قبل أن يَصْدُرُوا وثيقتهم تلك وأن ينزلوا من أبراجهم العاجية إلى الشارع ليروا ماذا يقول الناس وماذا يكتب النقاد عن هذه الأناجيل.
هذا في الوقت الذي يؤكد فيه النقاد أمثال كولمان ومعلقو الترجمة المسكونية للأناجيل المنشورة عام 1972م والتي تضافر لها أكثر من 100 متخصص من علماء الكاثوليك والبروتستانت، أن كتبة الأناجيل عندما كتبوا أناجيلهم من التراث الشفهي بعد وقوع الأحداث بعشرات السنين لم يفكروا بشيء اسمه الوحي الذي تزعمه وثيقة الفاتيكان بل كتبوا من وجهة نظرهم- أو نظر طوائفهم-. وأن السبب في كتابة هذه الأناجيل هو الصراع الذي كان دائراً بين الطائفة التي تولدت بعد خروج شاؤول (بولس) للأمم، وبين اليهود/المسيحيين الأوائل (الموحدين بالله) الذين التفوا حول يعقوب، قريب المسيح بعد رفعه، وفي هذا الصدد يقول موريس بوكاي:
"لولا وجود الصراع بين الطوائف التي ظهرت بسبب انشقاق بولس- شاؤول- لما حصلنا على الكتابات التي بحوزتنا اليوم. إن هذه الكتابات الظرفية الخصامية- أي التي أملتها الظروف للرد على الخصوم- قد ظهرت في فترة صراع حاد بين الطائفتين وفي هذا العصر شكلت "المسيحية البولسية بعد نصرها النهائي مجموعة نصوصها الرسمية (الأناجيل الأربعة وملحقاتها) التي استبعدت كل الوثائق (الأناجيل) الأخرى التي لم تكن توافق الخط الذي اختارته الكنيسة" أي الخط الشاؤولي الكنسي الوثني ذي الأقانيم الثلاثة.
من كل ما سبق يثبت لنا أن النقاد الغربيين أنفسهم يدحضون رأي الفاتيكان في مسألة الوحي وأن كتابة هذه الأناجيل ليست إلهامية.
(ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه بشيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه، ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم، اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون) سورة الأنعام: الآية 93.
- الكنيسة تؤكد أن الأناجيل تنقل بشكل أمين أقوال واْفعال المسيح طيلة حياته بين البشر:
|