عرض مشاركة مفردة
  #145  
قديم 22-06-2005, 07:28 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

والوجل -وجل القلوب- أعظم من خوفها؛ لأن الوجل خوف وزيادة ، وهو الخوف الذي معه + اغترار وتردد في هذا الأمر - يعني: أنه خاف منه مع كون القلب راغبا راهبا في هذا الأمر- فهناك درجات فيه: الرهبة، والخوف، والوجل، فكلها داخلة في معنى الخوف، لكن كل واحدة لها مرتبتها.

قال: ( فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع ) يعني لما اشتملت عليه من الإشارات، ولما كانت عليه من أنها جامعة فاستشفوا أنها موعظة مودع لهم، فكأنه -عليه الصلاة والسلام- جمع لهم ما يحتاجون، وأرشدهم بذلك بأنه ربما فارقهم ؛ لأنه جمع أشياء كثيرة في مكان واحد.

قال: "فأوصنا" ومر معنا معنى الوصية، قال -عليه الصلاة والسلام-: ( أوصيكم بتقوى الله الله ) والتقوى: هي وصية الله للأولين والآخرين، وقد ذكرنا لكم أن معنى التقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وسخطه وعقابه في الدنيا الآخرة وقاية، وهذه الوقاية بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، والعمل بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والتقوى في كل مقام بحسبه.

فقد فسرت التقوى بعدة تفسيرات ذكرناها لكم، ومن أحسنها قول طلق بن حبيب -رحمه الله تعالى- أن التقوى: هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.

فجمع في هذا التعريف بين الترك والعلم والنية، وهذا هو حقيقة التقوى في الأوامر والنواهي، قال: ( أوصيكم بتقوى الله الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) قال: ( والسمع والطاعة ) والسمع والطاعة حقان للإمام أو للأمير، وهما من ثمرات البيعة؛ لأن البيعة عقد وعهد على السمع والطاعة، فتحصل بالمباشرة وتحصل بالإنابة.

فالسمع والطاعة من ثمرات البيعة، فالإمام المسلم إذا بايعه طائفة من أهل العلم، ومن يسار إليهم في الحل والعقد - فإن في بيعتهم له على السمع والطاعة، وعهدهم له أن يسمعوا ويطيعوا -في ذلك مبايعة بقية المسلمين، وعلى هذا جرت سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين .

فالسمع والطاعة -كما ذكرت لك- لا فرق بينه وبين البيعة، ومن فرق بين البيعة وبين السمع والطاعة في الحقوق التي للإمام المسلم أو للأمير المسلم، فلا دليل له من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا من عمل الصحابة والتابعين، ولا من قول أهل السنة والجماعة، وأتباع السلف الصالح من عقائدهم.

فالسمع والطاعة للأمير المسلم حق من حقوقه؛ لقول الله -جل وعلا-: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59}‏ النساء ، لكن السمع والطاعة له لا تجب له حقا له استقلالا، وإنما هي على وجه التبع -يعني أنها تبع لطاعة الله وطاعة رسوله؛ ولهذا جاء في الأحاديث بيان أن ( الطاعة إنما هي في المعروف ) .

والمعروف هو ما ليس بمعصية -يعني: ما عرف في الشرع حسنه- وهو ما ليس بمعصية؛ ولهذا جاء في أحاديث أخر بيان أن الطاعة تكون في غير المعصية، وعلى هذا اعتقاد أهل السنة والجماعة في امتثالهم لهذه الوصية العظيمة منه -عليه الصلاة والسلام-: ( أوصيكم بتقوى الله الله والسمع والطاعة ) .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }