والجواب على ذلك أن الله تعالى بين لنا في كتابه أنه من الواجب علينا أن نأخذ بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلّم وبما دلنا عليه {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، فما بينته السنة فإن القرآن قد دل عليه لأن السنة أحد قسمي الوحي الذي أنزله الله على رسوله وعلمه إياه كما قال الله تعالى: {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}، وعلى هذا فما جاء في السنة فقد جاء في كتاب الله عز وجل.
* أيها الأخوة: إذا تقرر ذلك عندكم فهل النبي صلى الله عليه وسلّم توفي وقد بقي شيء من الدين المقرب إلى الله تعالى لم يبينه؟
أبداً فالنبي عليه الصلاة والسلام بين كل الدين إما بقوله، وإما بفعله، وإما بإقراره إما ابتداءاً أو جواباً عن سؤال، وأحياناً يبعث الله أعرابياً من أقصى البادية ليأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسأله عن شيء من أمور الدين لا يسأله عنه الصحابة الملازمون لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ولهذاكانوا يفرحون أن يأتي أعرابي يسأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن بعض المسائل. ويدلك على أن النبي صلى الله عليه وسلّم ما ترك شيئاً مما يحتاجه الناس في عبادتهم ومعاملتهم وعيشهم إلا بينه يدلك على ذلك قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
* إذا تقرر ذلك عندك أيها المسلم فاعلم أن كل من ابتدع شريعة في دين الله ولو بقصد حسن فإن بدعته هذه مع كونها ضلالة تعتبر طعناً في دين الله عز وجل، تعتبر تكذيباً لله تعالى في قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} لأن هذا المبتدع الذي ابتدع شريعة في دين الله تعالى وليست في دين الله تعالى كأنه يقول بلسان الحال إن الدين لم يكمل لأنه قد بقي عليه هذه الشريعة التي ابتدعها يتقرب بها إلى الله عز وجل. ومن عجب أن يبتدع الإنسان بدعة تتعلق بذات الله عز وجل وأسمائه وصفاته ثم يقول إنه في ذلك معظم لربه، إنه في ذلك منزه لربه، إنه في ذلك ممتثل لقوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، إنك لتعجب من هذا أن يبتدع هذه البدعة في دين الله المتعلقة بذات الله التي ليس عليها سلف الأمة ولا أئمتها ثم يقول إنه هو المنزه لله وإنه هو المعظم لله وإنه هو الممتثل لقول الله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} وأن من خالف ذلك فهو ممثل مشبه أو نحو ذلك من ألقاب السوء.
كما أنك لتعجب من قوم يبتدعون في دين الله ما ليس منه فيما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلّم ويدعون بذلك أنهم هم المحبون لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وأنهم المعظمون لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وأن من لم يوافقهم في بدعتهم هذه فإنه مبغض لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى غير ذلك من ألقاب السوء التي يلقبون بها من لم يوافقهم على بدعتهم فيما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلّم.