والآن ..لنعد إلى المغرب..
أخيرا يفرج عن أحد المعتقلين واسمه عبد الناصر حيث يروي قصته الدامية ليلة الإفراج عنه:
"أفرج عني.. ولم أُخبر أن كان والدي لازالوا أحياء أو ماتوا.. وإن كانوا لازالوا قاطنين في نفس المنزل أو غيروه. وصلت إلى المدينة وكانت الساعة حوالي الثالثة أو الرابعة فجرا. لا أستطيع ضبط الوقت. وأتيت إلى المنزل. وقفت في باب المنزل. وأخذت أتردد هل أطرق هذا الباب أم لا. هل لازالت أسرتي تسكن بهذا المنزل أم لا. وقررت أن أطرق الباب وأرى ما يمكن أن أراه. وكان هناك ثقب في الباب. وفكرت أن أطل من الثقب. وكان الوقت ليلا. كان الظلام. وكانت ليلة باردة جدا. فقد كانت يوم الثلاثين من ديسمبر سنة 1984. وفعلا.. عندما فتح.. عندما أشعل الضوء من داخل المنزل.. رأيت فعلا امرأة قادمة من خلال الثقب.. أردت أن أنسحب كما فكرت.. ولكنني لم أستطع.. حيث أنني كنت أقدر أن أحرك كتفي وظهري ولكن رجلي شدت إلى الأرض كأنهما دكتا في الأرض لا أستطيع تحريكهما.. وفتحت امرأة فتحت الباب وسألتني من أنت؟.. وهو أمر غريب جدا لأن هذه المرأة كانت هي والدتي ولكنني لم أتعرف عليها خلال تلك اللحظة رغم أن صورتها لم تفارقني طيلة التسع سنوات سواء في يقظتي أو في منامي.. وسألتني من أنت؟.. وبشكل غريب لا أفهمه لحد الآن أجبتها : أنني ابنك عبد الناصر.. وكان جوابها أن ليس لها ابن بهذا الاسم.. وأخذت ألح عليها أنني ابنها وأن عليها أن تتركني أدخل.. وكما قلت كانت الفترة ليلا.. وهذه المرأة التي يدق على بابها.. يطرق على بابها شخص لا تعرفه.. دخلت إلى المنزل وتركت الباب مفتوحا.. وذهبت توقظ إخوتي لتقول لهم استيقظوا فهناك في الباب شخص يقول أنه أخوكم.. كانت لحظة رهيبة صرت فيها لا أعرف.. أنا أتحدث مع امرأة على أنها والدتي.. وأنا لا أعرفها.. وهي تتحدث معي وهي تنكر إن كان لها ابن بهذا الاسم.. بطبيعة الحال لم استطع الوقوف في باب المنزل ودخلت.. وجدت أخوتي قد استيقظوا. لم يفهموا ما يقع. في تلك اللحظة خامرني شك في أن كل هذا مجرد تمثيلية.. حتى لا يقولوا لي نحن نرفضك لا نريدك.. وشعرت كأن سكينا انغرزت في داخلي.. وفكرت في أن أنسحب باعتبار أنهم لا يريدونني.. في تلك اللحظة الأخ الأكبر كأنه استفاق.. وارتمي علىّ.. وأخذ يقبلني.. وابتدأ البكاء.."
المصدر: قناة الجزيرة- يحكى أن -الأربعاء 22/8/1425 هـ - الموافق6/10/2004 م