الموضوع: الطوفان
عرض مشاركة مفردة
  #18  
قديم 08-07-2005, 04:01 PM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

ثمة مثل آخر آتيكم به هذه المرة من سوريا..


مثل يصب في نفس الاتجاه.. لكي يقتنع الناس أننا لا نرى ما يحدث بل نرى ما يمثلون علينا أنه يحدث.. وبالطبيعة لابد أن يكون فخا لاصطيادنا وشركا للإيقاع بنا.. وما دام فخا فلابد أن نكون فئران تجارب.. ولابد أن تكون التجارب التي يجرونها علينا لها هدف ما. لها توجيه ما.. ورغبة في أن نقتنع بشيء معين يصوغ وجداننا بطريقة معينة ويدفع عقولنا للتفكير بصورة معينة فيوجه عواطفنا وسلوكنا وقراراتنا.

و إنني أنبه القارئ مرة أخرى .. أنني أقصد بتعدد الاستشهادات من دول مختلفة أن أثبت نفس المرض وليس أمراضا متعددة.. ذلك أن نفس المرض يبدو بأعراض مختلفة في الأعضاء المختلفة.. فإذا غرتنا الظواهر وعالجنا الأعراض بدلا من المرض قتلنا مريضنا..

كما أقصد أن المؤامرة واحدة.. و أؤكد أن العلاج لا يمكن أن يتم على أساس قطري..

ولكن.. لننته من المثل السوري أولا..

لقد لاحظت العار الذي يحس به الناس بسبب الانسحاب المخزي للجيش السوري من لبنان بأمر أمريكي.

ولقد شعرت على المستوى الشخصي بهذا الخزي والعار.. شعرت به رغم أنني أدرك الحقيقة ربما لأنني أعرف أن بشار الأسد ليس مأزورا بآثام أبيه وجرائمه..

وهو بالتأكيد عار وخزي.. لكن فهم التفاصيل كما حدثت قد يغير من وجهة نظرنا للأمر.. لأننا لم ننتقل من طهر إلى عهر بل كان العهر من قديم.

ولقد كنت أنا واحدا من ضحايا الخديعة ذات يوم، ليس بصورة كاملة، وكنت عندما أسمعهم ينتقدون السلوك الإجرامي لحافظ الأسد، أقول لنفسي: هو الوحيد الباقي ضد إسرائيل..هو آخر من بقي من جبهة الصمود والتصدي التي تحولت إلى جبهة الاستسلام والتردي.. فآثامه إذن كآثامهم لكن ليست لهم مزاياه.. وكنت أرفض المغالاة في الاتهام والمبالغة في الأرقام.. فهل يعقل مثلا أن يقصف الأسد الإخوان المسلمين في مدينة حماة بالطائرات ويسحق المدينة بالدبابات ليبلغ الشهداء واحد وثلاثون ألف قتيل والمفقودون خمسين ألف.. أما في تدمر .. ففي قبر واحد دفن ما يقارب من ألف عالم وداعية ..

كنت أرفض هذه المبالغات الفجة.. فكيف يحدث ذلك دون أن ينقلب العالم وتشتعل وكالات الأنباء وتنفجر منظمات حقوق الإنسان..

وكنت أعاتب الإسلاميين على تلك المبالغات قائلا: ما ضركم لو قلتم الحقيقة دون مبالغة.. لماذا لا تقولون الرقم الحقيقي.. ثلاثون مثلا.. أو حتى ثلاثمائة.. لكن.. ثلاثون ألفا..!!

لكنني اكتشفت بعد ذلك سذاجتي وفجاجتي أنا لا فجاجة المبالغات..

كان الصحافي البريطاني باتريك سيل – وهو بالنسبة لحافظ الأسد مثل أنتوني ناتنج بالنسبة لعبد الناصر.. واحد من أشد المعجبين به- هو الذي أكد هذه المعلومات في كتابه عن سيرة حافظ الأسد.. وذكر نفس الأرقام..

وربما كانت هذه القربة إلى الشيطان ما قدم للأسد إلى الغرب كي يظل في الحكم آمادا لم تتعودها سوريا..

كان خطئي في المنهج فادحا..