عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 23-07-2005, 10:45 AM
Ali4 Ali4 غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الوطن العربي - ومن القطر الفلسطيني تحديدا !
المشاركات: 2,299
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى Ali4
إفتراضي

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى الاحتفال بذكرى العيد الثانى للثورة من ميدان الجمهورية
٢٢/٧/١٩٥٤
بنى وطنى:

ما جئنا اليوم لنلهب العواطف أو لنثير الغرائز، ولكنا جئنا هنا لنلتقى بكم ولنتحدث إلى عقولكم، وإلى قلوبكم؛ ولهذا فأنا أطالبكم بأن تبطلوا الهتاف، وأن تبطلوا التهليل، وأن تستمعوا، وأن تنتظموا، وأن يجلس كل فرد منكم فى مكانه.. أطالب أن يجلس كل فرد منكم فى مكانه.

إخوانى:

أطالبكم بالجلوس حتى يمكن أن نتحدث إلى العقول، وأطالبكم بالكف عن الهتاف؛ فإننا نريد أن تفهموا ونريد أن نلتقى بعقولكم.. لا نريد أن نثير غرائزكم أو نلهب عواطفكم. فليجلس كل فرد منكم فى مكانه.. فليجلس كل فرد فى مكانه.. فليجلس كل فرد فى مكانه.

أيها المواطنون:

يجب أن نتمسك بالنظام، ويجب أن نستمع إلى ما يقال، ويجب أن نكف عن الهتاف.. إخواننا اللى بيهتفوا هناك بلاش هتاف.. أقعد من فضلك.. أقعد من فضلك.. إخوانى كل واحد يقعد فى محله ويسكت، يا محمد.. محمد.. حد يقعد الناس اللى واقفين هناك دول فى الأول.

أيها المواطنون:

أحييكم، وأرجو أن تعلموا أننا اليوم لا نريد هتافاً ولا نريد تصفيقاً؛ لأننا سنتحدث معكم عما قامت به الثورة، وعما ستقوم به الثورة، وهذا يستدعى أن يكون كل فرد منكم واعياً منصتاً، فاهماً لما يقول، واننا قد قلنا كثيراً. إننا لا نريد أن نثير العواطف، ولا نثير الغرائز، ولا نريد هتافاً، ولا نريد تهليلاً، فطالما هتفنا، وطالما هللنا.. فماذا كانت النتيجة؟ إنكم تعرفون ماذا كانت النتيجة..

إننى أطالبكم أن تتمسكوا بالنظام، وأن تتمسكوا بالاتحاد، وأن تنصتوا حتى تفهموا وحتى تعوا لما نقول.. فإننا لم نحضر اليوم لكى تهتفوا لنا أو تصفقوا لنا، ولكنا اجتمعنا بكم حتى نقول لكم ماذا عملت الثورة، وحتى يعرف كل فرد منكم ماذا عملت الثورة. وبهذا - يا إخوانى - سنسير متمسكين بالوعى القومى، ومتمسكين بالروح العالية، وبهذا - يا إخوانى - سنحقق الآمال، وسنحقق الأهداف.

إنى أطالبكم أن تكفوا عن الهتاف، وأن تكفوا عن التصفيق.. لا هتاف بالأسماء، ولا تصفيق مطلقاً ولا تهليل، ولكن انصتوا واتجهوا إلى الوطن، والوطن وحده. أرجو أن تنصتوا حتى أتحدث إليكم.. مش عايزين هتاف من فضلك.. جمال مش عايز هتاف من فضلك.. إخوانا اللى بيهتفوا يقعدوا.. إخوانا اللى واقفين قدام.. اقعد من فضلك.. اقعد من فضلك.

أيها الإخوان:

فى هذا الاحتفال بالعيد الثانى للثورة أرجو أن تثبتوا أنكم قد فهمتم أهداف الثورة، وتتمسكون بها.. إخوانا اللى واقفين هناك اقعد من فضلك.. اقعد هناك من فضلك.. اقعد.. إخوانا اللى فى الوسط هناك من فضلك.. هذا - يا إخوانى - هو المظهر الذى يليق بكم، وإنى أشكركم وأرجو أن تستمعوا وتنصتوا.

أيها المواطنون:

أحييكم، وأهنئكم، وأهيب بكم وأجدد العهد لكم.. أحييكم تحية ملؤها الحب والإعجاب بكم.. تحية تستيقظ فيها ذكريات جهادكم وجهاد أجدادكم من أجل حريتكم، ومن أجل كرامتكم، وأهنئكم بالعيد الثانى لثورتكم؛ ثورتكم التى عملتم لها سنين طويلة، وبذلتم فى سبيلها تضحيات ثقيلة، وارتقبتم انبلاج نهارها وشبوب نارها فى صبر المؤمن، وإيمان الواثق بحقه وبالله العلى العظيم. وأهيب بكم أن تضاعفوا الجهد وتواصلوا السعى، وأن توقنوا أن ثورتنا فى ٢٣ يوليو ليست إلا نقطة الابتداء دفنا فيها الماضى ليخرج المستقبل إلى النور؛ والمستقبل وديعة فى أيدينا، وأمانة فى أعناقنا.. إن شئنا جعلناه بهيجاً مشرقاً، وإن شئنا أحلناه حزيناً مخزياً.

وأجدد العهد باسمى واسم إخوانى على أن نكون لكم وبكم.. أن نكون خداماً لوطنكم، يسهرون من أجل أولادكم ويشقون فى سبيل مجدكم، إن طمعوا ففى شرف الخدمة، وإن زاحموا ففى سبيل العمل الصالح، متأسين بقول خاتم الرسل والنبيين: "اللهم أحينى مسكيناً وأمتنى مسكيناً واحشرنى فى زمرة المساكين". أجدد العهد أن نكون كما كنا؛ لا سند لنا إلاكم، ولا مدد لنا إلا ثقتكم.

أيها المواطنون:

لقد دعوناكم فى أول ثورتنا أن تصبروا وأن تضحوا ببعض رغائد الحياة العاجلة، ورددنا على أسماعكم قول الله تعالى: (ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين). (١)

والآن أدعوكم فى هذا العيد أن تبتهجوا وأن تفرحوا، وأن تنسوا فى مجد هذا اليوم الباهر متاعبكم وهمومكم، وأن تتزودوا منه بزاد من السرور والتفاؤل؛ لتعودوا إلى أعمالكم ولتستأنفوا من جديد كفاحكم أقوى عزماً وأكثر أملاً. وليس بدعاً - أيها الإخوان - أن نحتفل بانتصارنا وأن نجعله عيداً، فما من جيل خلا تاريخه من يوم يحتفل به، والمنتسبين إليه، وما من أمة إلا وخصت بعض أيامها المشهودة بالتكريم والإعزاز؛ إذ لابد للسائرين من وقفة يستريحون فيها وينظرون إلى الخلف ليروا كم قطعوا من الطريق، وليمدوا أبصارهم إلى الأمام ليحسبوا حساب ما بقى من السفر. وإن حق الأمة أن تحتفل بيوم من أيام انتصارها، فما أجدرنا نحن المصريين وأولانا بأن نجعل من ٢٣ يوليو يوماً نهز بموسيقاه وأهازيجه وخطبه وأناشيده وجموعه ومواكبه مشاعر أولادنا، ونحرك عواطف شبابنا لا لنقول لهم: إنهم أصبحوا أحراراً، بل لنهتف فى أعماق ضمائرهم: لقد بدأ طريق الحرية فامضوا إلى غايته واندفعوا إلى نهايته، وإياكم.. إياكم أن يغلبكم الغرور، وأن تحسبوا أن الزمن سالمكم وأن الحظ حالفكم، فإن العزة لا تبقى إلا بين ذراعى الأقوياء، والحرية لا تتبع إلا خطى الساهرين.

يتبع....