أما المشروع الثالث فيهدف إلى إعداد التقاوى اللازمة لجميع المساحة المنزرعة أرزاً من نوع يزيد محصوله عن غلة التقاوى الحالية بأقل من الربع قليلاً، بما يحقق زيادة فى الإنتاج تقدر بنحو ١٥٠ ألف ضريبة. وتبلغ تكاليف المشروعات الثلاثة أكثر من ١٠ مليون من الجنيهات و٦٠٠ ألف.
ونظراً لزيادة نسبة الهندى، والهندى الهجين فى بذرة القطن الأشمونى، وحرصاً على سمعته العالمية؛ وضعت وزارة الزراعة مشروعاً بقصد تركيز زراعة الأشمونى فى منطقة المنيا، وتنقية هذه المنطقة من نباتات الطقس الهندى. وبإتمام هذا المشروع يسترد الدخل القومى نحو ٢ مليون ونصف مليوناً من الجنيهات، هى قيمة الخسارة الناتجة من انخفاض مستوى القطن الأشمونى. ولمكافحة النقص فى الغلال الذى كان يكبدنا سنوياً مليوناً من الجنيهات، دعيت الشركات العالمية إلى تقديم عروض لإقامة صومعتين للغلال؛ إحداهما بالقاهرة وتسع ٤٠ ألف طن، والأخرى بالإسكندرية وتسع ٣٠ ألف طن. وقد قدمت الشركات عروضها فعلاً، ودرست، وقرر مجلس الوزراء اشتراك مجلس الإنتاج بمبلغ ١٠٠ ألف جنيه بصفة مبدئية، وبنك التسليف الزراعى والتعاونى بربع مليون جنيه فى شركة مساهمة مصرية لتنفيذ هذا المشروع الحيوى الذى يتكلف نحو مليون وربع مليون من الجنيهات.
أيها المواطنون:
هذا بعض ما قام به مجلس الإنتاج فى ميدان الزراعة، أما ما قام به فى ميدان الإنتاج الصناعى فقد تناول أكثر من مشروع عظيم؛ تناول الحديد، وتناول الصلب، والجوت، وإطارات الكاوتشوك، والبطاريات السائلة، والورق، وكابلات الكهرباء، والمسامير، والمواسير. ولقد تألفت شركة تساهم فيها الحكومة ومجلس الإنتاج بـ ٣ ملايين من الجنيهات لإنشاء مصنع ينتج ٢٢٠ ألف طن من منتجات الحديد والصلب. وقد وصلت تصميمات هذا المصنع ورسوماته التنفيذية من ألمانيا، وسيدعى الشعب قريباً للمساهمة فى هذا المشروع الذى يتكلف ١٧ مليوناً من الجنيهات. وبذلك يشترك الشعب فى بناء صناعة من أضخم الصناعات، كما يشترك فى دحض هذه الفرية التى عمل الاستعمار طويلاً لترويجها وتثبيتها فى أذهاننا وقلوبنا؛ من أننا زراعيون لا نصلح للصناعة، وأن بلادنا تعوزها الخامات.
وعندما يرى الشعب هذه المصانع توجد الواحدة فى أثر الأخرى، وتدور عجلاتها، وتخرج للناس إنتاجها سيؤمن بالصناعة إيمانه بالزراعة، وسيقيم بلاده على هاتين الدعامتين اللتين بنى أجدادنا عليها مجدهم الغابر. وقد أرسلت الدعوات إلى الشركات العالمية لتقدم عروضها حتى يوم ١٥ أكتوبر لإنشاء مصنع ينتج ٢٧٠ ألف طن من سماد النشادر، ويبلغ تكاليفه ٢٢ مليون من الجنيهات.
ويسرنى أن أشير إلى أن الحكومة قررت أن تضمن حداً من الربح فى هذه المشروعات. وقد وافق مجلس الوزراء على العرض المقدم من إحدى الشركات المصرية لإنشاء مصنع لإطارات الكاوتشوك لسد حاجة الاستهلاك المحلى. كما قررت الحكومة إعفاء المواد الخام اللازمة لصناعة البطاريات السائلة؛ وذلك لتشجيع الشركات على إنشاء هذه الصناعة؛ وبالفعل أخذت شركتان مصريتان فى إقامة المصانع اللازمة بالتعاون مع الشركات العالمية، وبدأ إنتاجها. ودعيت الشركات الأجنبية والمصرية إلى التقدم بعروضها لإنشاء مصنع ينتج ٣٠ ألف طن من ورق الطباعة والكتابة، ويتكلف إنشاؤه ٣ ملايين من الجنيهات، وفتحت العروض، ونستطيع القول: إن مصر ستصبح فى العام القادم وقد استكملت عدتها للاكتفاء الذاتى من الحرير الصناعى.
إن هذه المشروعات الصناعية التى أذكرها - على سبيل المثال - تبلغ تكاليفها ٥٠ مليوناً من الجنيهات، وهى تنفذ - بإذن الله - فى خمس سنوات، والتفكير فيها وتنفيذها هو دور حاسم وخطير فى الثورة الصناعية فى مصر.
أيها المواطنون:
إن حكومتكم وهى تفكر فى تصنيع البلاد فكرت فى توفير القوى المحركة اللازمة للصناعة لزومها للزراعة والنقل؛ ففى ميدان الكهرباء بدأت الحكومة فعلاً فى مشروع كهربة خزان أسوان، ومحطتى طلخا وإدفو، وتوسيع محطة شمال القاهرة، وهى مشروعات تقيمها الدولة وتمولها بنحو ٤٠ مليوناً من الجنيهات. وسيتم تنفيذ عمليات إدفو وطلخا فى سنة ٥٤، وشمال القاهرة فى سنة ٥٥، وجنوب القاهرة بوحدتيها فى سنتى ٥٧ و٥٨ إن شاء الله، أما كهربة خزان أسوان فتنتهى فى أوائل سنة ١٩٥٨. وببدء تنفيذ مشروع كهربة خزان أسوان انتهت مآسى الحكم البائد الذى اتخذ من هذا المشروع الحيوى خلال سنين طويلة وسيلة للمضاربة الحزبية، ضيعت على البلاد ثروة عظيمة، ورفعت من تكاليف تنفيذه أربعة أضعاف.
أما ميدان الإنتاج البترولى فقد ظفر بعناية حكومة الثورة التى عقدت العزم على تنمية ثروة البلاد من هذا الوقود الحيوى؛ فمنحت امتياز استغلال بئرى وادى فيران، وبدأ الإنتاج فعلاً فى إحدى البئرين. وأعطيت امتيازات البحث والكشف فى الصحراء الغربية لأول مرة لـ٢ من الشركات العالمية، ويقدر الخبراء أننا سنكون قادرين على إنتاج ما يلزمنا من البترول، وليس هذا بالشىء القليل فقد أنفقت مصر فى سنة ٥٢ على استيراد البترول ١٢ مليوناً من الجنيهات.
أما عملية توسيع معمل التكرير الحكومى فقد عولجت بعد أن بقيت تتعثر من سنة ٤٨، شأن جميع المشروعات الحيوية فى العهد الماضى؛ وقد تم تركيب الوحدة الرئيسية للتكرير فى هذا الشهر، ويتم تركيب الوحدة الثانية قبل انتهاء العام الحالى، وبذلك ترتفع كفاءة المعمل على التكرير من ٣٠٠ ألف طن إلى مليون و٣٠٠ ألف طن.
وقد بقيت مصر متخلفة عن التطور العالمى فى نقل المنتجات البترولية؛ إذ درجت على نقل تلك المنتجات من السويس إلى القاهرة بواسطة الصنادل النهرية، وبواسطة السيارات، وبواسطة السكك الحديد، فرأت حكومة الثورة مد خط للأنابيب، ورسى العطاء فعلاً على إحدى الشركات الإيطالية لتنفيذه خلال اثنى عشر شهراً، وهو رقم قياسى فى التنفيذ. ولكى أقرب لكم فائدة هذا المشروع أقول لكم إن أجرة نقل الطن من المازوت ستهبط بفضله من ١٠٠ قرش إلى ٣٥ قرشاً . وقد رأى مجلس الإنتاج أن خطة التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتكامل عناصرها أو تسير نحو أهدافها إلا إذا صحبها برنامج منسق مطرد للمواصلات على اختلاف أنواعها. وقد بدأنا فعلاً فى العام الماضى برنامجاً للطرق البرية، ينفذ على عامين، ويبلغ طول الطرق الداخلة فى نطاقه حوالى ثلاثة آلاف من الكيلومترات، ورصد لذلك ٦ مليون جنيه، ثم زيد هذا الاعتماد أخيراً ٣ ملايين أخرى.
كما أقر المجلس البرنامج الخاص بإنشاء وتوسيع شبكة التليفونات والتلغراف، بإضافة ٦٣٠ ألف خط خلال خمس سنوات، وتتكلف هذه العملية ٢٠ مليوناً من الجنيهات. أما السكة الحديدية فقد احتملت خلال الحرب ضغطاً شديداً دون أن يعقب ذلك أى اهتمام بعمليات التجديد فيها، ولذلك اعتمدت حكومة الثورة لهذه العمليات فى السنوات الخمس ١٤ مليوناً و٢٥٠ ألفاً من الجنيهات، رصد منها فى ميزانية هذا العام ثلاثة ملايين و٦٩٥ ألف جنيه.
ولابد لى أن أقول لكم كلمة خاصة على مشروع كهربة خط حلوان، فقد أقرت حكومة الثورة فى مستهلها هذا المشروع الذى لم يكن أسعد حظاً من غيره من المشروعات التى تاق الرأى العام إلى تحقيقها، فقد كان يؤجل ويقف، ثم يعدل عنه، ثم يستيقظ لينام، ثم ليموت، ثم تتكرر المعجزة فيبعث إلى الحياة، حتى ظن الناس أن هناك تعويذة سحرية تحول دون تنفيذه.
لذلك أرادت حكومة الثورة أن تقضى على هذا الوهم، وأن تبعث فى المصريين ثقتهم بحكومتهم، فنفذت المشروع، واعتمدت له مبلغ ٣ ملايين من الجنيهات و٧٣٠ ألفاً، وعهدت بتنفيذه إلى ٤ شركات دائبة على العمل فيه مستعينة بـ١٣٥٠ عامل يشتغلون فيه يومياً، وقد بلغت قيمة ما قبضوه من الأجور حتى اليوم مائة ألف جنيه.
يتبع...
__________________
إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية - جمال عبد الناصر
* ما اخذ بالقوة لا بد ان يسترد بالقوة
*وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال ... اذا الاقدام كان لهم ركابا
Ali_Anabossi@hotmail.com

اضغط هنا
|