عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 23-07-2005, 11:00 AM
Ali4 Ali4 غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الوطن العربي - ومن القطر الفلسطيني تحديدا !
المشاركات: 2,299
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى Ali4
إفتراضي

أيها المواطنون:

تود مصر أن توجه أيضاً كلمة صريحة للعالم الغربى بصدد هذا العدوان المتكرر من إسرائيل على حدود البلاد العربية.

نريد أن نقول: إنه إن لم يقف ذلك العدوان، وإن لم ترد إسرائيل - على الأقل - إلى ما قررته هيئة الأمم المتحدة المرة بعد المرة، فإن الموقف فى الشرق العربى ينذر بانفجار لن يخسر منه الشرق العربى بقدر ما يخسر الذين يكلأون إسرائيل بالرعاية، والذين يطيلون لها حبل الصبر. إن آلام أهل فلسطين المشردين وعذابهم كفيل وحده بأن يقضى على كل حجة تساق للدفاع عن إسرائيل أو تبرير عدوانها المتكرر، وإن كرامة هيئة الأمم المتحدة لتفرض على زعماء تلك الهيئة أن يعملوا شيئاً جدياً فى سبيل تنفيذ قرارات تلك الهيئة التى داستها إسرائيل.

ومصر حينما تقول ذلك تعبر عن شعور ٤٠ مليوناً من العرب.

أيها المواطنون:

لقد بدأت مصر مع العرب عهداً جديداً.. عهداً قوامه الأخوة، الصداقة الصريحة التى تواجه المشاكل وتفكر فيها وتعمل على حلها. إن هدف حكومة الثورة أن يكون العرب أمة متحدة يتعاون أبناؤها فى الخير المشترك، وهى تؤمن بأن الموقع الذى يحتله العرب بين قارات العالم، وخدماتهم العظيمة للحضارة، ومواردهم الاقتصادية القيمة، واتصالهم بالشرق الإسلامى وبالشرق كله يرشحهم لمكانة كبيرة تتيح لهم التأثير على شئون العالم، وتؤمن الثورة أيضاً بأن مشاكل العرب هى مشاكل المصريين.

وإذا كانت مشكلة الاحتلال قد استنفدت إلى الآن الجزء الأكبر من جهد المصريين، فإنها لم تصرفهم أبداً عن المشاركة فى كل جهد عربى يبذل من أجل تحرير العرب. ولا شك أن المستقبل سيشهد صوراً جديدة من تعاون المصريين والبلاد العربية، تؤكد للعالم ميلاد قوة جديدة فى هذه الرقعة الهامة من العالم. ولقد أثبتت رحلات أخى الصاغ صلاح سالم - وزير الإرشاد - لقد أثبتت هذه الرحلات أن ما بين مصر والشعوب العربية أقوى من أن يفسده أو يضعفه سعى الساعين أو تضليل المضللين، وأن الشعوب العربية جمعاء أسرة واحدة متصلة مترابطة متحابة متماسكة كقبضة اليد الواحدة، وأنها تهدف جميعاً إلى الحرية، وإلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وإلى صور رفيعة من التقدم. كما تؤمن الثورة بأن عبء الدفاع عن البلاد العربية يقع أول ما يقع على العرب، وهم جديرون بالقيام به، ولا جدال فى أن قدرتهم على أداء هذا الواجب يزداد كلما رفعت العقبات والحواجز التى حالت بين العرب وبين ما يلزم لجيوشهم من الأسلحة والعتاد، وهى حواجز وعقبات غير طبيعية لابد أن تزول عاجلاً.

وإن حكومة الثورة لتغتبط أعظم الاغتباط لما تراه من توثيق العلاقات بين العرب وباقى أعضاء الكتلة الآسيوية - الإفريقية، واضطراد نجاح هذه الكتلة وظهور آثارها فى المجال الدولى. ولا يستطيع منصف أن ينكر أن هذه الكتلة عامل كبير من عوامل الاستقرار، وعنصر خطير من عناصر السلام الدولى، فهى كتلة بريئة من الأغراض الاستعمارية؛ لا تهدف إلا إلى تحقيق ما ينص عليه ميثاق هيئة الأمم المتحدة من احترام سيادة الدول، ومنع العدوان والغصب، والإقرار للشعوب بتقرير مصيرها.

أيها المواطنون:

لا يسعنى أيها المواطنون.. لا يسعنى إلا أن أعبر عن سرورنا جميعاً إذ نرى بيننا فى هذه المناسبة التاريخية سيادة الرئيس إسماعيل الأزهرى أول رئيس لأول وزارة وطنية فى السودان. ونحن نرى فى وجوده رمزاً حياً لهذه العلاقة المقدسة التى تربط شقى الوادى منذ كان النيل، ومنذ كان السودان، ومنذ كانت مصر. ونحن إذ نرحب به وبزملائه - ضيوفنا الأعزاء - نرحب بكل سودانى، وإذ نحييهم نحيى مستقبل السودان الذى تنتظر مصر- فى ثقة بالله وثقة بوطنية السودانيين - أنه سيشهد حرية السودان وتحرره من كل قيد، وانتصار إرادة الشعب السودانى.

إن لمصر مطمعاً واحداً فى السودان لا تخجل أن تعلنه على رؤوس الأشهاد، بل إنها تفخر به، ذلك أن يكون السودان لأبنائه يديرون أمره ويوجهون سيره ويقررون مصيره، وفى هذا نصر لمصر ولحكومة مصر ولثورة مصر، فقد كان ذلك المطمع هو حافز حكومة الثورة على إبرام اتفاقية السودان، فمصر لا تخشى السودان الحر؛ وإنما تخشى السودان المقيد.

أيها المواطنون:

ويسرنى أيضاً أن أرحب باسمكم بإخواننا فى العروبة، وإننا نرى فى هذا عهداً جديداً لبدء اتحاد عربى قوى شامل.

أيها المواطنون:

لقد قدمت لكم.. لقد قدمت لكم صورة مجملة لكفاح حكومة الثورة من أجل بناء أمة جديدة شعارها القوة، وهدفها العزة، وأساسها المساواة، وسندها الإيمان بحقها وبالله، وصورة مجملة لكفاح حكومة الثورة لبناء دولة سليمة الأسس، قوية الدعائم، نشيطة، سريعة، تقدم الأكفاء وتحميهم وتفسح لهم طريقاً، وتشد من أزر الضعفاء وتمنحهم فرص النجاح وتمدهم بأسباب الصحة والقوة، وتنسق نشاط المواطنين، وتنظم تعاونهم، وتزيدهم إحساساً بواجبهم، وتنزع من نفوسهم رذيلة التواكل.. فبماذا يمكن أن تسمى هذه الدولة؟.. أهى حكومة العمال والفلاحين؟.. أم هى حكومة الموظفين والطلاب والمثقفين؟.. أم هى حكومة أرباب الأعمال وأصحاب الأموال؟

إذا أردت أن تسميها حكومة العمال والفلاحين؛ فأنت محق، فهذه الحكومة فعلت ما لم تفعله حكومة من قبل لهم، بل إن أكبر أعمالها؛ وهو الإصلاح الزراعى، هدف أول ما هدف إلى تحرير الفلاح من رقة الملكيات الكبيرة التى سدت فى وجهه طريق الحرية والتقدم. وقد منح قانون الإصلاح الزراعى للفلاحين الحق الذى لم يفكروا فيه أبداً ولم يطالبوا به، وهو حقهم فى إنشاء النقابات التى تضمهم وتنظم حقوقهم وتجعل منهم قوة، ولقد عدلت الحكومة القوانين العمالية بما يضمن للعمال حقوقاً وضمانات جديدة.

وإذا أردت أن تسميها حكومة المثقفين والطلاب وأهل الرأى فأنت صادق؛ فإن هذه الثورة بأهدافها ووسائلها وغاياتها كانت حلم هؤلاء المثقفين، كتبوا لها وخطبوا. وهى مشغولة البال بأداة الحكم وبالتعليم الجامعى وبمستقبل الجامعيين، وبمركز مصر الثقافى فى العالم، وهى شديدة العناية بالبحث العلمى وبالبحاث وبمعاهد البحوث.

وإذا أردت أن تسميها حكومة أرباب الأعمال وأصحاب الأموال فأنت صادق؛ فالإصلاح الزراعى الذى خدم الفلاحين كان خدمة أكبر لرأس المال المصرى الذى كان محبوساً فى الأرض لا يبحث عن ميادين جديدة للاستثمار تدر عليه أرباحاً أكبر. وهذه الحكومة فتحت آفاقاً جديدة كثيرة لأرباب الأعمال بهذه المشروعات الكبرى فى ميادين الصناعة وتصنيع الزراعة. ولقد ضمنت الحكومة لبعض هذه المشروعات نسبة من الأرباح، وساهمت بمالها فى بعضها الآخر، ومنحت تسهيلات كثيرة لرؤوس الأموال التى تريد أن تفتح فى الصناعة فتوحاً جديدة، فما الحقيقة إذن؟

الحقيقة أن حكومة الثورة هى حكومة الأمة بطبقاتها جميعاً؛ حكومة العمال والفلاحين، وحكومة الموظفين والطلاب، وحكومة الأموال وأصحاب الأعمال، وحكومة الفقراء والضعفاء، وحكومة الأقوياء والأغنياء، وحكومة الصغار المبتدئين وحكومة الكبار الناجحين.. هى حكومة تنظر إلى مصر كأسرة كبيرة يعمل كل من فيها لصالحها الأكبر وخيرها المشترك. ولذلك فهى بعد أن قدمت للشعب كله هذا الحساب تطلب من الشعب أن يقوم بواجبه، وهى تقول لكل فرد فيه: إن فرص الحرية وفرص المجد قد فتحت أبوابها لك، فلا تتردد فى أن تنتهزها، إن الحياة لا تعرف إلا الأقوياء الذين لا يترددون، فأقدم ولا تحجم، ولا تنس أنك سليل الفراعنة والعرب، وأنك ابن مصر، وأن مصر هى أرض العزة والحضارة والعلم، فلتثق بها ولتثق بنفسك، ولتكن عوناً للحرية وسنداً للثورة.

أيها الشعب.. أيها الفلاحون.. أيها العمال.. أيها الموظفون.. أيها الشباب.. أيها الطلاب:

إن الثورة بعد عامين من ميلادها تقول لكم: إنها ثورتكم، إنها صوتكم وذراعكم، إنها أنتم فقفوا معها تقفوا مع أنفسكم، ويكتب الله لبلادنا مجداً لا يبلى وعزة لا تزول، والله أكبر والعزة لمصر.


--------------------------------------------------------------------------------

(1) سورة البقرة، الآية 155.

(2) سورة الرعد، آية 17.