بسم الله الرحمن الريحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أعلن المسيح في مستهل دعوته الاطار العام لتعاليمه ، فقال مخاطباً الجموع التي تبعته ووقفت تسمع إليه من بني اسرائيل :
متى الاصحاح الخامس :{ 17لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، لَنْ يَزُولَ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيْءٍ. 19فَأَيُّ مَنْ خَالَفَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى، وَعَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلَهُ، يُدْعَى الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا وَعَلَّمَهَا، فَيُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى بِرِّ الْكَتَبَةِ والْفَرِّيسِيِّينَ، لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ أَبَداً. }
وفي نهاية دعوته ، دعا السيد المسيح تابعيه وكل بني اسرائيل أن يتمسكوا بكل ما يأمرهم به .. الحفاظ على شريعة موسى من كتبة وفريسيين . حيث يقول متى في الاصحاح 23 { 23عِنْدَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ، 2وَقَالَ: «اعْتَلَى الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كُرْسِيَّ مُوسَى: 3فَافْعَلُوا كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُمْ وَاعْمَلُوا بِهِ. وَلَكِنْ لاَ تَعْمَلُوا مِثْلَ مَا يَعْمَلُونَ: لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ، }
وبين بداية دعوة المسيح ونهايتها ، نجده في كل حين مرتبطاً تماماً بناموس موسى ، حريصاً عليه ، داعياً الى الاستمساك به ، بدءا من الوصايا حتى أدق تفاصيل الشريعة اليهودية .
لقد تقدم اليه واحد قائلا: { 16وَإِذَا شَابٌّ يَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُ:
«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لأَحْصُلَ عَلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ؟» 17فَأَجَابَهُ: «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّالِحِ؟ وَاحِدٌ هُوَ الصَّالِحُ. وَلكِنْ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ، فَاعْمَلْ بِالْوَصَايَا». 18فَسَأَلَ: «أَيَّةِ وَصَايَا؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ...» }
وحين شفا أبرصا قال له : { 44قَائِلاً: «انْتَبِهْ! لاَ تُخْبِرْ أَحَداً بِشَيْءٍ، بَلِ اذْهَبْ وَاعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى الْكَاهِنِ، وَقَدِّمْ لِقَاءَ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، فَيَكُونَ ذَلِكَ شَهَادَةً لَهُمْ!» مرقس } وفي لوقا { 12 : 13وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ: «يَامُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الإِرْثَ!» 14وَلكِنَّهُ قَالَ لَهُ: «يَاإِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟»
من هذا وغيره يتبين أن السيد المسيح لم يأت بشريعة جديدة ، وانما جاء ليحافظ على شريعة موسى وتعاليم النبيين من بعده ، ويدعو بني اسرائيل الى السمو الأخلاقي والتخفيف من الماديات ، فاذا كانت شريعة موسى عليه الصلاة والسلام تسمح بالقصاص ، وهذا حق وعدل ، فالأفضل منه ولا شك العفو والتسامح .. وهكذا ..
وكما ذكرت فهذا إقرار المسيح لما جاء قبله بما في ذلك تعدد الزوجات ... واي نصراني يخالف هذا فهو ليس نصراني وبمعنى أصح فقد كفر بالمسيح ... أليس كذلك ..
ان السيد المسيح كما قلت لم ينه عن تعدد الزوجات صراحةُ ولم يرد شيء من النهي في المصادر المسيحية الاصلية .. وانما ورد فيها على سبيل الموعظة ان الله سبحانه وتعالى خلق لكل رجل امرأة .. وهذا لا يفيد أكثر من الترغيب في الاقتصار على زوجة واحدة في احسن الاحتمالات وقلت ايضا ان في رسائل القديس بولس ما يفهم منه جواز التعدد حيث يقول : ( ويلزم أن يكون الاسقف زوجاً لزوجة واحدة ) وان القديس بولس خصص قال (الاسقف) ولم يعمم "ويقول أيها الناس" .. كيف تفهمونها على الفرض ..
والكنائس هي التي منعت التعدد فقط بعد عصور طويلة من اقراره .. تمعن معي بوصايا بولس وهو يصف من اراد ان يكون اسقفا والشروط التي يجب ان يتصف بها (( رسالة بوليس الاولى تيموثاوس 3 :
" 1-صادقةٌ هي الكلمة ان ابتغي احدٌ الاسقفية فيتشتهي عملاً صلاحاً 2- فيجب ان يكون الاسقف بلا لومٍ بعل امرأةٍ واحدة صاحياً عاقلاً متحشماً مصيفاً للغرباء صالحاً للتعليم 3- غير مدمن الخمر ولا ضرَّاب ولا طامع بالربح القبيح بل حليماً غير مخاصم ولا محب للمال .. 12- ليكن الشمامسة كلٌ بعل امرأة واحدة مدبرين اولادهم وبيوتهم حسناً .. الى اخره ))"
حتى الشمامسة يجعله كالاسقف .. وهذا التنبيه للمرة الثانية .. خصص لهم .. هذه هي الشروط التي يجب ان يتصف بها الاسقف ..
ولدي استغراب .. اليهود الذين نزلت عليهم التوراة قبلكم يقرون بالتعدد ونحن المسليمن جئنا من بعدكم ونقر بالتعدد وهناك مخلوقات اخرى تقر بالتعدد كالحيوانات اعزكم الله هناك ذكر يملك عشرات من الاناث .. ويكون هناك قتال بين الذكور للسيطرة على الاناث فيفنى الذكور بسسب ذلك وهذا كالحروب عندنا والتي تفني عدد كثير من الشباب ..
وقد يسأل سائل ويقول أني ارى أنه لا يطبق بشكل صحيح ؟!!
نقول له:
أن التعدد في الاسلام رخصة من الرخص وليس الزامي بشرط ألا يظلم ويجور .. كما في ردي السابق ..
فاذا أسيىء استعمالها فليس ذلك خطأ التشريع وانما هو خطأ من لم يفهم حكمة التشريع .. سأضرب لك مثالين :
المريض أبيح له الفطر في رمضان فاذا لم يكن مريضاً فليس له أن يفطر فاذا أفطر استحق عقاب ربه .. والقانون يبيح للمرء الدفاع عن النفس حتى لو أدى الدفاع الى قتل المعتدي ولكن اذا اسيىء استعمال هذه الرخصة فليس العيب في التشريع وانما في الذي أساء استعمال هذه الرخصة .. ..
يتبع ..
أخوكم : الاثرم
..
|