عرض مشاركة مفردة
  #27  
قديم 04-08-2005, 02:48 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Talking قول المسيح أنا قبل أن يكون ابراهيم انا كائن :


قول المسيح أنا قبل أن يكون ابراهيم انا كائن


الرد على هذا الاستدلال :
إن صح ما ذكره يوحنا ونسبه للمسيح عليه السلام من قوله : (( قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن )) فإن هذا القول لا يفيد في ألوهية المسيح بشيء ولا كونه الأقنوم الثاني من الثالوث الوثني ، وإنما يعني أنه في علم الله الأزلي أن الله جل جلاله سيخلق المسيح بعد خلق إبراهيم وموسى وداود وسليمان وزكريا ويحيى .ففي علم الله الأزلي متى سيخلق المسيح وكل الانبياء وذلك قبل خلق إبراهيم وسائر الانبياء . لأن الله جلت قدرته إن لم يكن عالماً ، لكان ذلك نقصاً في حق الإله والنقص محال على الله عز وجل .

وإذا كان المسيح إلهاً لأنه قال عن نفسه : (( قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن )) فماذا يكون سليمان بن داود عندما يقول في سفر الأمثال [ 8 : 22 _ 30 ] : (( أنا كنت مع الله من الأزل قبل خلق العالم وكنت ألعب بين يديه في كل حين وكنت عنده خالقاً ))

والذي يقرأ بداية الاصحاح الأول من سفر الأمثال سيعرف ان الكلام لسليمان فيكون سليمان أولى بالألوهية من المسيح .

وماذا يكون إرميا الذي قال عنه الرب : (( قبل أن أصورك في البطن عرفتك ، وقبل أن تخرج من الرحم قدستك )) ارميا [ 1 : 4 ، 5 ]

وماذا يكون ملكي الذي له صفات وخصائص تفوق صفات وخصائص المسيح إذ يقول عنه الكتاب : (( لأن ملكي صادق هذا كاهن الله العلي . . . ملك السلام بلا أب وبلا أم وبلا نسب لابداءة أيام له ولا نهاية حياة وهو مشبه بابن الله . . . )) [ الرسالة الى العبرانيين 7 : 1_ 3 ]

يقول الاستاذ الباحث سعد رستم في معرض رده على هذه الشبهه :

أولا : كون الشخص وجد قبل إبراهيم أو قبل يحيى (عليهما السلام) أو حتى قبل آدم أو قبل خلق الكون كله، لا يفيد، بحد ذاته، ألوهيته بحال من الأحوال، بل أقصى ما يفيده هو أن الله تعالى خلقه قبل خلق العالم أو قبل خلق جنس البشر، مما يفيد أنه ذو حظوة خاصة ومكانة سامية وقرب خصوصي من الله ، أما أنه هو الله ، فهذا يحتاج لنص صريح آخر، ولايوجد شيء في العباراة المذكورة أعلاه بنص على ذلك على الإطلاق ، وهذا لا يحتاج إلى تأمل كثير.

ثانيا : هذا إن أخذنا ذلك التقدم الزماني على ظاهره الحرفي، مع أنه من الممكن جدا أن يكون ذلك من قبيل المجاز، بل قرائن الكلام تجعل المصير إلى المعنى المجازي متعينا ، وهذا يحتاج منا لذكر سياق تلك العبارة من أولها:

جاء في إنجيل يوحنا [ 8 : 56 ـ 59] : (… وكم تشوق أبوكم إبراهيم أن يرى يومي، فرآه وابتهج. قال له اليهود: كيف رأيت إبراهيم، وما بلغت الخمسين بعد ؟ فأجابهم : الحق الحق أقول لكم: كنت قبل أن يكون إبراهيم فأخذوا حجارة ليرجموه ، فاختفى وخرج من الهيكل. ))

فقبلية عيسى المسيح على إبراهيم هنا، لا يمكن أن تكون قبلية حقيقية في نظر النصارى، لا باعتبار ناسوت المسيح المنفك عن اللاهوت طبقا لاعتقادهم، لأن ولادة عيسى الإنسان كانت بعد إبراهيم اتفاقا، و لا باعتبار حصول الحقيقة الثـالثـة المدعاة له أي تعـلُّـق اللاهوت بالناسوت ، لأن ذلك تم مع ولادة المسيح من العذراء وروح القدس الذي تم أيضا بعد إبراهيم اتفاقا. ولا يمكن أن يكون قصده سبق المسيح على إبراهيم باعتبار لاهوته الأزلي المدَّعى، بقرينة أن بداية الكلام كانت عن رؤية إبراهيم لهذا اليوم، أي يوم بعثة المسيح ورسالته، وابتهاج إبراهيم به، فالكلام إذن عن رؤية المسيح المبعوث في الأرض، وهذا تم بعد إبراهيم اتفاقا، فلم يبق إلا أن يكون المراد بالقبلية علم الله السابق بتقدير إرسال عيسى في هذا الوقت، وما يترتب عليه من الإرشاد والرحمة بالعباد. فإن قيل: أيُّ خصوصية للمسيح في ذلك، إذ أن هذا المحمل ـ أي علم الله السابق ـ مشترك بينه وبين سائر الأنبياء، بل جميع البشر؟

فالجواب : أنه عليه السلام لم يذكر ذلك في معرض الخصوصية، وإنما ذكره قاطعا به استبعاد اليهود لسرور إبراهيم وفرحه بيومه، وتصحيحا لصدقه فيما أخبر و لصحة رسالته، ببيان أن دعوى رسالته ثابتة في نفس الأمر و مقررة سابقا وأزلا في علم الله القديم . وقد ورد مثل ذلك في ألفاظ خاتم المرسلين سيدنا محمد حيث قال : (( كنت نبيا وآدم بين الروح والجـسـد )) والحديث صحيح وينظر إلي (( السلسة الصحيحة )) للألباني ( 4 : 471 ) رقم ( 1856 ) وأخرجه الامام أحمد ( 4:66 ) .

والحمد لله رب العالمين ،،،،
__________________