عندما اقتربت من الطفلة البوسنية سنادة البالغة من العمر تسع سنوات دخلت في حالة هستيرية، فهي تعانى من حالة نفسية مؤلمة تعكس بشاعة الحروب والجرائم التي ارتكبها الصرب في حق مسلمي البوسنة. والدة الطفلة سنادة والتي تنحدر من قرية هاجتش ـ وهى قرية كانت تحت سيطرة الصرب قبل اتفاق دايتون ـ خير من يحكى هذه مأساة هذه الطفلة التي تعيش هذا الواقع المؤلم الذي لازمها منذ سنين الحرب الوحشية، أنها ترتعد وتدخل في أزمتها النفسية كلما أبصرت شخصاً ملتحياً. وتقول والدة الطفلة "إن زوجها كان أسيراً لدى الصرب، ولكننا ظللنا نعيش في نفس المنزل على مدى عامين، منذ اعتقال والد سنادة بالرغم من حالة الرعب التي تنتابنا، فالصرب ظلوا يدخلون المنزل ويطلقون وابلاً من رصاصهم كل جيئة وذهاب". وتروي والدة الطفلة هذه المشاهد بنبرة حزن عميق، لعل أكثرها ألماً على بنت التاسعة هي أن مجموعة الصرب كانت تقتاد أباها الأسير وتضربه أمام أولاده، وقد ظل أحدهم وهو صربي ملتحٍ يمارس هذا الضرب بقساوة ووحشية، فمن الواضح أنه أكثرهم براعة وإجادة لفنون التعذيب. وتمضي الوالدة البوسنية بالقول "بأن الصرب أخذوا أخيراً الوالد وقرروا ألا يعيدوه مرة أخرى، ولكن المشهد لازال عالقاً بذهن الطفلة فهي لازالت تصرخ وترتجف عند مشاهدتها لأي شخص ملتحٍ". وأعاد اتفاق دايتون الأب ولكنه ترك العائلة في حالة سيئة فالأب عاد جريحاً منكسراً يعاني حالة مستمرة من الخوف والرعب، وابن بوضع مماثل، بينما ظلت سنادة الصغيرة تعانى الخوف المستمر من اللحى.