عرض مشاركة مفردة
  #34  
قديم 23-08-2005, 02:25 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي


تابع (( في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله ))

رابعاً : إن اطلاق لفظ الله على الكلمة ، وهي المعني عنها بالمسيح ، لايعني إطلاقاً كون المسيح مساوياً لله ومتحد معه ، بل غاية ما فيه إطلاق لفظ الله على المسيح ، وليس هذا بالامر الغريب في الكتاب المقدس لأن الكتاب المقدس أطلق لفظ الله على الملاك كما في سفر القضاة [ 13 : 21 ، 22 ]

واطلق الكتاب المقدس لفظ الله على القاضي كما في سفر الخروج [ 22 : 8 ] وأطلق الكتاب المقدس لفظ الآلهه على الشرفاء كما في المزمور الثاني والثمانين الفقرة الاولى .

كما أطلق الكتاب المقدس لفظ الآلهه على القضاة الدينيين كما في المزمور الثاني والثمانين الفقرة السادسة

والخلاصة :

أنه إذا كان في الكتاب المقدس مباحاً إطلاق لفظ الله على كل من الملاك ، والقاضي ، والرجل الشريف ، كما أطلق لفظ إله على القضاة الدينيين وعلى الملاك وعلى الشريف ، فهل يسوغ القول أن إطلاق لفظ الله على المسيح يقتضي ألوهيته ومساواته لله ؟ إنه لو كان الامر كذلك لكان كل من المذكورين متحدين مع الله ومتساويين معه ، ولم بقل أحد بذلك لبطلانه ، لذلك كان القول باتحاد المسيح بالله ومساواته لرب العالمين باطل .

خامساً : ان قوله ( في البدء ) كما يحتمل الأزل ، يحتمل غيره ، كما هو وارد في سفر التكوين [ 1 : 1 ]

( أ ) ( في البدء خلق الله السموات والأرض ) . أي في أول التكوين أو الخلق لا في الأزل .

( ب ) وكما في قوله في إنجيل متى اصحاح 8 ( ولكن من البدء لم يكن هذا ) . أي من عهد الزيجة . لا في الأزل .

( ج ) وكما في قوله في إنجيل لوقا [ 1 : 2 ] : ( كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء ) أي من أول خدمة المسيح لا في الأزل .

( د ) وكما في قوله في إنجيل يوحنا [ 6 : 64 ] : ( لأن يسوع من البدء علم من هم الذين لا يؤمنون ) أي من ابتداء خدمته وإتيان التلاميذ إليه لا في الأزل .

( ه ) وكما في قوله في إنجيل يوحنا [ 8 : 44 ] : ( ذاك كان قتالاً للناس من البدء ) أي منذ خلق الإنسان الأول لا من بدء نفسه ، لأنه كان في البدء ملاك نور .

( و ) وكما في رسالة يوحنا الأولى [ 2 : 7 ] قوله : ( بل وصيته قديمة كانت عندكم من البدء ) . أي أشار به إلى بداءة إيمانهم بالمسيح .

( ز ) وكما في قوله في إنجيل يوحنا [ 16 : 4 ] : ( ولم أقل لكم من البداءة لأني كنت معكم ) . أي من بداءة خدمته . لا من الأزل .

( ح ) وكما في رسالة يوحنا الأولى [ 2 : 5 ] قوله : ( والآن أطلب منك بالبرية لا كأني أكتب إليك وصية جديدة بل كانت عندنا من البدء ) أي منذ سمعنا الانجيل . لا منذ الازل .

سادساً : ان عندية المسيح في قول يوحنا ( والكلمة كان عند الله ) هي عندية منزلة وتشريف ، وليست عندية اتحاده بالله ، فهذه العندية هي عندية محسوسة وليست عندية اتصال واتحاد ، لاستحالة ذلك كله على الله .

ونظير ذلك هو الآتي :

_ جاء في سفر التكوين [ 4 : 1 ] :

(( وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قابين ، وقالت : اقتنيت رجلاً من عند الرب ))

_ وجاء بسفر التكوين [ 19 : 24 ] :

(( وأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً من عند الرب ))

ونظير ذلك ما جاء في القرآن الكريم عن اسماعيل بن ابراهيم عليها السلام يقول الله تبارك وتعالى في سورة مريم :

_ (( وكان عند ربه مرضياً ))

وفي وصف الشهداء يقول الله تبارك وتعالى في سورة آل عمران :

_ (( أحياء عند ربهم يرزقون ))

ومن ناحية أخرى نقول ان العندية تقتضي المغايرة في قوله ( والكلمة كان عند الله )

فإن قول يوحنا : (والكلمة كان عند الله ) لا يتفق مع قوله ( وكان الكلمة الله )

لأنه إذا كان الله عين الكلمة لا يصح أن تكون الكلمة عنده ، لأن العندية تقتضي المغايرة .

فكيف تكون الكلمة هي الله وكيف هي عنده ؟

لقد انفرد يوحنا بذكر هذه العبارة في صدر إنجيله وهي عبارة في غاية التهافت والركة فهو يقول : (( في البدء كان الكلمة . والكلمة كان عند الله . وكان الكلمة الله )) وهذا كما ترى عزيزي القارىء كلام مضطرب من جهة لفظه فإن ذلك بمنزلة قول القائل : الكلام عند المتكلم والمتكلم هو الكلام ، والعلم عند العالم والعالم هو العلم ، والدينار عند الصيرفي والصيرفي هو الدينار ، وذلك هو الجنون .

يقول الاستاذ أحمد السيد موسى في معرض رد على هذه العبارة :

مما يؤكد تناقض الانجيل وتحريفه ، أنه قد جاء في أول يوحنا كلام غريب لا يقبله إلا من فقد عقله ، حيث يقول العدد : (( في البدء كان الكلمة . والكلمة كان عند الله . وكان الكلمة الله ))

يعني أن عيسى كان في بدايته كلمة ، وهل الكلمة هي التي تنطق بنفسها أم ينطق بها غيرها ؟

لا شك أن الكلمة تأتي من نطق الغير بها ، إذاً من الذي نطق بكلمة كن عيسى فكان ؟ أليس هو الله ؟ ومعنى أن الكلمة كانت عند الله ، أي نطق الله بها وهي كلمة كن عيسى فكان . .

أما أن تتحول الكلمة التي نطق الله بها فتكون هي الله نفسه في الوقت فهذا جنون ، هل رأيت إنساناً نطق بكلمة ، ثم تحولت هذه الكلمة في الحال لتصبح هي نفس الإنسان الذي نطبق بها ؟!

هل تتحول القصيدة التي ألقاها شاعر إلى أن تكون هي نفس الشاعر ؟! أم ان الشاعر هو ناطق ، والقصيدة منطوقة بفمه فيكون هو ناطقها أي موجدها وصانعها ، والقصيدة مصنوعة مصوغة بإرادته ؟

إن أدركت هذا ، فاعلم الفرق بين الله تعالى الخالق وبين عيسى المخلوق بكلمة الله وقدرته . .
__________________