عرض مشاركة مفردة
  #36  
قديم 25-08-2005, 12:35 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Talking ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا :


ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا


ووجه استدلالهم بهذا النص أن غفران الخطايا أمر منحصر بالله ، فإذا كان للمسيح ذلك السلطان ، فهذا يعني أنه الله تعالى.

الرد على هذه الشبهة:
لاحظ أيها القارىء الكريم أن المسيح قال : (( أن لإبن الانسان سلطاناً على الارض أن يغفر الخطايا )) متى [ 9 : 6 ]

وإذا سألنا المسيح نفسه من أين لك هذا السلطان ؟

سنجد الاجابة واضحة بقوله الوارد في متى [ 28 : 18 ] : (( دفع إلي كل سلطان ))

اذن انه ليس سلطانه هو ! ولكن الله هو الذي أعطاه إياه !

فقد أعطاه الله سلطان ابراء الاكمه والابرص وسلطان احياء الموتى ومغفرة الخطايا و . . . إلخ

اذن من أين جاءه هذا السلطان ؟ الاجابة من الله سبحانه وتعالى ... انه سلطان الله وليس سلطان المسيح . . .

ثم ان النص لا يدل على ان قيام المسيح بغفران الخطايا دليل على لاهوته لأن النص صرح بأن من قام بذلك هو ابن الانسان فالمسيح قال (( أن لإبن الانسان سلطاناً على الارض أن يغفر الخطايا )) متى [ 9 : 6 ] فالقول بأن المسيح غفر لأنه إله هو قول يرده النص نفسه .

يقول الاستاذ سعد رستم في معرض رده على هذه الشبهه :

أولا: لمناقشة هذه الشبهة علينا أن نرجع إلى النص الكامل للواقعة التي جاء هذا الكلام للمسيح فيها.

يبتدأ الإصحاح التاسع من إنجيل متى بذكر هذه الواقعة فيقول:

(( فدخل السفينة واجتاز وجاء إلى مدينته. وإذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحا على فراش. فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج ثق يا بني. مغفورة لك خطاياك. وإذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يجدف. فعلم يسوع أفكارهم فقال: لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال قم وامش؟ ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا. حينئذ قال للمفلوج. قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك. فقام ومضى إلى بيته. فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا )) متى : [9 : 1].

هناك أمران في هذا النص تنبغي ملاحظتهما لأنهما يلقيان ضوءا على حقيقة سلطان السيد المسيح لغفران الخطايا :

الأول: أن المسيح لم يقل للمفلوج : ثق يا بني لقد غفرتُ لك خطاياك! بل أنبأه قائلا: مغفورة لك خطاياك. والفرق واضح بين الجملتين، فالجملة الثانية لا تفيد أكثر من إعلام المفلوج بأن الله تعالى قد غفر ذنوبه ، وليس في هذا الإعلام أي دليل على ألوهية المسيح، لأن الأنبياء والرسل المؤيدين بالوحي والمتصلين بجبريل الأمين، يطلعون، بإطلاع الله تعالى لهم ، على كثير من المغيبات والشؤون الأخروية ومنها العاقبة الأخروية لبعض الناس ، كما أخبر نبينا محمد (صلّىاللّه عليه وآله وسلّم) عن بعض صحابته فبشرهم أنهم من أهل الجنة وعن آخرين فبشرهم أنهم من أهل النار.

ثانيا: قد يشكل على ما قلناه قول المسيح فيما بعد : ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا، فنسب غفران الخطايا لنفسه. قلنا : آخر النص يجعلنا نحمل هذه النسبة على النسبة المجازية، أي على معنى أن ابن الإنسان (المسيح) خوله الله أن يعلن غفران خطايا، وذلك لأن الجملة الأخيرة في النص السابق تقول: " فلما رأى الجموع ذلك تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا ، فالغافر بالأصل والأساس هو الله تعالى، ثم هو الذي منح هذا الحق للمسيح وأقدره عليه، لأن المسيح كان على أعلى مقام من الصلة بالله والكشف الروحي ولا يتحرك إلا ضمن حكمه وإرادته فلا يبشر بالغفران إلا من استحق ذلك.

ومما يؤكد أن غفران المسيح للذنوب هو تخويل إجمالي من الله تعالى له بذلك، وليس بقدرة ذاتيه له ، هو أن المسيح، في بعض الحالات، كان يطلب المغفرة للبعض من الله تعالى فقد جاء في إنجيل لوقا [23 : 34] : فقال يسوع: (( يا أبتاه ! اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.))

فانظر كيف طلب من الله غفران ذنبهم ولو كان إلـها يغفر الذنوب بذاته ومستقلا، كما ادعوا، لغفر ذنوبهم بنفسه.

فهذا السلطان بغفران الخطايا الذي أعطاه الله تعالى للمسيح، شبيه بذلك السلطان الذي منحه المسيح أيضا لحوارييه حين قال:

(( فقال لهم يسوع أيضا: سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولمّا قال هذا نفخ و قال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. من أمسكتم خطاياه أمسكت )) يوحنا : [20 : 21 ، 23]

وشبيه بذلك السلطان الذي منحه لبطرس رئيس الحواريين حين قال له : (( طوبى لك يا سمعان بن يونى، إن لحما ودما لم يعلنا لك. لكن أبي الذي في السموات. وأنا أقول أيضا: أنت بطرس و على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السموات ، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السموات )) متى : [11 / 17 18]

فكما أن هذا السلطان بغفران الخطايا الذي ناله بطرس خاصة والحواريون عامة، بإذن الله، عبر المسيح، لا يفيد ألوهيتهم؛ فكذلك امتلاك المسيح لذلك السلطان، بإذن الله، لا يفيد ألوهيته.
__________________