عرض مشاركة مفردة
  #57  
قديم 30-08-2005, 06:21 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ خلاص ابن عبادة من أسر قريش وما قيل في ذلك من شعر ]
قال سعد فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش ، فيهم رجل وضيء أبيض شعشاع حلو من الرجال قال فقلت في نفسي : إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا ، قال فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة . قال فقلت في نفسي : لا والله ما عندهم بعد هذا من خير . قال فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال ويحك أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد ؟ قال قلت : بلى ، والله لقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف تجارة وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف قال ويحك فاهتف باسم الرجلين واذكر ما بينك وبينهما . قال ففعلت ، وخرج ذلك الرجل إليهما ، فوجدهما في المسجد عند الكعبة ، فقال لهما : إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ، ويذكر أن بينه وبينكما جوارا ؟ قالا : ومن هو ؟ قال سعد بن عبادة ; قالا : صدق والله إن كان ليجير لنا تجارنا ، ويمنعهم أن يظلموا ببلده . قال فجاءا فخلصا سعدا من أيديهم فانطلق . وكان الذي لكم سعدا ، سهيل بن عمرو أخا بني عامر بن لؤي .
قصة صنم عمرو بن الجموح
[ عدوان قوم عمرو على صنمه ]
فلما قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها ، وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك منهم عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة وكان ابنه معاذ بن عمرو شهد العقبة ، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، وكان عمرو بن الجموح سيدا من سادات بني سلمة وشريفا من أشرافهم وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له مناة كما كانت الأشراف يصنعون تتخذه إلها تعظمه وتطهره فلما أسلم فتيان بني سلمة معاذ بن جبل ، وابنه معاذ بن عمرو ( بن الجموح ) في فتيان منهم ممن أسلم وشهد العقبة ، كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه فإذا أصبح عمرو ، قال ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة ؟ قال ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه ، ثم قال أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأخزينه . فإذا أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى ، فيغسله ويطهره ويطيبه ثم يعدون عليه إذا أمسى ، فيفعلون به مثل ذلك . فلما أكثروا عليه استخرجه من حيث ألقوه يوما ، فغسله وطهره وطيبه ، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى ، فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك . فلما أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر من عذر الناس ثم غدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به .
[ إسلام عمرو وشعره في ذلك ]
فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت فلما رآه وأبصر شأنه وكلمه من أسلم من ( رجال ) قومه فأسلم برحمة الله وحسن إسلامه . فقال حين أسلم وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره ويشكر الله تعالى الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة
والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن
أف لملقاك إلها مستدن الآن فتشناك عن سوء الغبن
الحمد لله العلي ذي المنن الواهب الرزاق ديان الدين
هو الذي أنقذني من قبل أن أكون في ظلمة قبر مرتهن
بأحمد المهدي النبي المرتهن
شروط البيعة في العقبة الأخيرة
قال ابن إسحاق : وكانت بيعة الحرب حين أذن الله لرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) في القتال شروطا سوى شرطه عليهم في العقبة الأولى ، كانت الأولى على بيعة النساء وذلك أن الله تعالى لم يكن أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في الحرب فلما أذن الله له فيها ، وبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة الأخيرة على حرب الأحمر والأسود أخذ لنفسه واشترط على القوم لربه وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة .
قال ابن إسحاق : فحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، عن أبيه الوليد عن جده عبادة بن الصامت ، وكان أحد النقباء ، قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الحرب - وكان عبادة من الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى على بيعة النساء - على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول بالحق أينما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم .
نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال
بسم الله الرحمن الرحيم . قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى ، والصفح عن الجاهل وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم فهم من بين مفتون في دينه ومن بين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد فرارا منهم منهم من بأرض الحبشة ، ومنهم من بالمدينة ، وفي كل وجه فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب وإحلاله له الدماء والقتال لمن بغى عليهم فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء قول الله تبارك وتعالى : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور - : أي أني إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظلموا ، ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس إلا أن يعبدوا الله وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر . يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون الدين لله أي حتى يعبد الله لا يعبد معه غيره .
[ إذنه صلى الله عليه وسلم لمسلمي مكة بالهجرة ]
قال ابن إسحاق : فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في الحرب وبايعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه . وأوى إليهم من المسلمين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها ، واللحوق بإخوانهم من الأنصار ، وقال إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا أرسالا ، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة ، والهجرة إلى المدينة .
[ هجرة أبي سلمة وزوجه وحديثها عما لقيا ]
فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش ، من بني مخزوم : أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، واسمه عبد الله ، هاجر إلى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة ، فلما آذته قريش وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار ، خرج إلى المدينة مهاجرا .
قال ابن إسحاق : فحدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة ، عن جدته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري ، ثم خرج بي يقود بي بعيره فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت صاحبتك هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ قالت فنزعوا خطام البعير من يده فأخذوني منه . قالت وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد ، رهط أبي سلمة فقالوا : لا والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا . قالت فتجاذبوا بني سلمة بينهم حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد ، وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة . قالت ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني . قالت فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي ، حتى أمسى سنة أو قريبا منها حتى مر بي رجل من بني عمي ، أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة ألا تخرجون هذه المسكينة فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها قالت فقالوا لي : الحقي بزوجك إن شئت . قالت ورد بنو عبد الأسد إلي عند ذلك ابني . قالت فارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة . قالت وما معي أحد من خلق الله . قالت فقلت : أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم علي زوجي ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار فقال لي : إلى أين يا بنت أبي أمية ؟ قالت فقلت : أريد زوجي بالمدينة . قال أوما معك أحد ؟ قالت فقلت : لا والله إلا الله وبني هذا . قال والله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي بي ، فوالله ما صحبت رجلا من العرب قط ، أرى أنه كان أكرم منه كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ، ثم استأخر عني ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري ، فحط عنه ثم قيده في الشجرة ، ثم تنحى ( عني ) إلى شجرة فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ثم استأخر عني ، وقال اركبي . فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي . فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة ، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال زوجك في هذه القرية - وكان أبو سلمة بها نازلا - فادخليها على بركة الله ثم انصرف راجعا إلى مكة . قال فكانت تقول والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة ، وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة
[هجرة عامر وزوجه وهجرة بني جحش ]
قال ابن إسحاق : ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة عامر بن ربيعة ، حليف بني عدي بن كعب ، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم بن عبد الله بن عوف بن عبيد بن عدي بن كعب . ثم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة ، حليف بني أمية بن عبد شمس ، احتمل بأهله وبأخيه عبد بن جحش وهو أبو أحمد - وكان أبو أحمد رجلا ضرير البصر وكان يطوف مكة ، أعلاها وأسفلها ، بغير قائد وكان شاعرا ، وكانت عنده الفرعة ابنة أبي سفيان بن حرب وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم - فغلقت دار بني جحش هجرة فمر بها عتبة بن ربيعة . والعباس بن عبد المطلب ، وأبو جهل بن هشام بن المغيرة ، وهي دار أبان بن عثمان اليوم التي بالردم وهم مصعدون إلى أعلى مكة ، فنظر إليها عتبة بن ربيعة تخفق أبوابها يبابا ، ليس فيها ساكن فلما رآها كذلك تنفس الصعداء ثم قال
وكل دار وإن طالت سلامتها يوما ستدركها النكباء والحوب
قال ابن هشام : وهذا البيت لأبي داود الإيادي في قصيدة له . والحوب التوجع
( وهو في موضع آخر الحاجة ويقال الحوب الإثم ) .