التشوهات الاقتصادية .. كيفية حدوثها !
التشـــــوهات الاقتصـــــادية.. كيفية حدوثها ؟
كما ان بعض المخلوقات تولد مشوهة كأن يخلق كائن حي حيوان كان او إنسان برأسين او ان تكون بعض أطرافه تنمو باضطراد أكثر من باقي جسمه ، كأن يصبح ذراعه اليمين مثلا بطول أربعة أمتار ، أو رأسه يساوي وزن باقي الجسم ان ذلك سيكون مرعبا و غير مألوف نهائيا ..
قبل أربعة عقود كان حوالي ثلاثة أرباع سكان الوطن العربي يعيشون كما كان يعيش أجدادهم قبل مئات السنين .. بعاداتهم بتقاليدهم ، بطرائق كسبهم ، بتصريف أمور حياتهم اليومية .. وكان السكان متشابهون في ذلك .. لم تكن فوارق ضخمة بين الطبقات الغنية و الفقيرة .. و هناك تشابه بالملبس والمأكل والمسكن ، ونوع العمل ..
فكان المال له طعم مختلف عن مال اليوم .. لأنه كان يأتي بعد جهد شاق ، فكان يصرف بعد تمحيص شديد ، وتوضع أولويات الصرف بعناية شديدة .. وكانت معظم قطع النقد ملساء من تمسك أصحابها بها أثناء الدفع .. ولم يكن وقتها كتابة الشيكات و الكمبيالات و التقسيط تحدث بالشكل الذي تحدث به اليوم ، وكانت السلع المطلوبة للأفراد محدودة و معروفة .. وكانت أنواع الأقمشة التي تصنع منها الأزياء الموحدة للمواطنين معروفة أيضا ..
أما اليوم فحدثت طفرات سرطانية بالاستهلاك ، و أنواع المقتنيات ، و ارتفعت قوائم طلبات الفرد .. ونشأ علم الدعاية لسلع كثيرة .. في حين لم يرتفع مدخول الأسرة قياسا بقدرتها الشرائية كثيرا .. و أصبح من كان يعيش في تلك الفترة ، اذا دخل متجرا يكاد لا يعرف عن 90% من موجوداته كسلع ، لا من حيث أسمائها ولا من حيث غرض وجودها ..
وتدافع الناس لتقليد بعضهم البعض ، فنمت نزعة الاستهلاك نموا سرطانيا حتى أصبحت بمثابة تشوه مرعب قياسا بثبات الدخل أو ضموره .. مما أثر بالتالي على اختلال بوظائف اقتصادية ، أثرت بدورها على منظومة النمو الاجتماعي .. من تأخر سن الزواج .. واضمحلال المدخرات الأسرية .. وبيع العقارات و ممتلكات الأسر من أجل مواكبة ومشابهة الآخرين في شرائهم ..
أليس هذه الظاهرة بتشوهات اقتصادية خطيرة ، كما أن آثارها لن تتوقف عند هذا الحد بل ستؤثر على منظومة القيم الوطنية .. اذ انها ستولد مولدات الفساد والرشوة والانحراف الأخلاقي و غيره من الأمراض التي كثرت بالمجتمع العربي!
يتبع
__________________
ابن حوران
|