عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 26-09-2005, 04:35 PM
الغرباء الغرباء غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: دولة الخلافه الاسلاميه
المشاركات: 2,050
إفتراضي وقفات مع رسالة النفيسي إلى الرنتيسي


إن ما نصح به الخبير السياسي د. عبد الله النفيسي، الناطق الرسمي لحركة حماس في رسالته الأخيرة إليه، بقوله : عندكم يا عبد العزيز في فلسطين مشكلة أخطر بكثير من الصهاينة، فالصهاينة عدو ظاهر من الممكن تحديده ومعرفته، ولكن العدو الأخطر المدمر هو العدو المستتر الذي يمشي معك كتفا بكتف وربما يصلي معك فرضا بفرض، إن الخونة لديكم في غزة والضفة - يا عبدالعزيز - يتوالدون كالأرانب، أنتم ياعبد العزيز في حاجة ماسة إلى حركة تطهير تبدأ من قمة سلطتكم الوطنية ... فحركة النفاق التي فضحتها سورة "التوبة" يبدو أنها تتجدد في غزة والضفة ولا بد من استئصال شأفتها بكل القوة التي لديكم، إذ لولا خطورة المنافقين التاريخية على الدعوة الاسلامية لما نزلت «التوبة» في شأنهم ـ يعكس من دون شك حرقة وغيرة عُرف بهما د.النفيسي عند تناوله لقضايا وموضوعات مقاومة الهيمنة الصهيو-أمريكية (كما يسميها)، إلا أن الآهات والمكبوتات لا ينبغي أن تحجب عنا بعض المسائل الأساسية في إدارة الصراع والتي هي من صميم فقه التدافع، وليس هذا من باب تحميل رسالة النصح أكثر مما تتحمل، فالغالب على مثل هذه الرسائل الأخوية الصادقة الطابع الانفعالي العاطفي. كما أن المقاومة بمختلف أشكالها ليست من الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة، بل هي من السياسات الجزئية التابعة للمصالح فتُقيد لها زمانا ومكانا. فالدعوة والتحريض على فتح أكثر من جبهة في وقت وزمان واحد، خاصة إذا تعلق الأمر بجبهتين : داخلية وخارجية، يخضع لعدد من الموازنات، منها

- إن التعامل مع الجبهة الداخلية (وتحديدا الذين وصفهم الدكتور النفيسي ووصفهم بالعملاء أو المنافقفين)، يخضع لأحد سياسات ثلاث : إما الحرب وهو ما طالب به د.النفيسي أو التهادن (وهو ما اختارته حماس كموقف استراتيجي مبدئي وليس تكتيكيا آنيا) أو التحالف وهذا في أوقات ومناسبات معينة، ولكن هذه السياسات لا يمكن أن تجتمع كلها في آن واحد تجاه طرف أو جبهة واحدة، فقد تكون الحركة في حرب مع طرف وفي تحالف مع طرف ثان، وفي هدنة مع ثالث في آن واحد، لكن يستحيل أن تكون في حرب وهدنة مع طرف واحد في آن واحد في مكان واحد، وهذه المسألة شبيهة بأحكام الأسرى، فالإمام مخير بين أربع سياسات في التعامل معهم، قال الإمام ابن القيم: (كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- يمن على بعض ويقتل بعضهم، ويفادي بعضهم بالمال، وبعضهم بأسرى المسلمين. وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة) زاد المعاد 2/266 . وبما أن قيادة حماس أدرى بطبيعة الصراع وتعدد أطرافه هناك على أرض فلسطين، وعلى معرفة شبه دقيقة بالأوضاع الداخلية وتداعياتها وطبيعة المجتمع الفلسطيني، فإن لها أن أن تستحسن وتفضل واحدة من هذه السياسات الثلاث، في إطار الشريعة العام وحسب تقديرها الخاص الصرف، وتلزم قواعدها بما اختارت، والجميع يعلم أنها اختارت النأي بنفسها عن الدخول في حرب أو اقتتال داخلي من خلال مواجهة المنافقين والعملاء على مستوى السلطة الفلسطينية.

- من المهم أن تحقق قيادة الحركة الانسجام بين سياساتها المختلفة في إدارة الصراع، بما يؤول إلى النائج المرضية، فهي في حرب مع الكيان الاقرودائيـــلي وفي الوقت نفسه تتقلب بين الحوار الداخلي والمقاطعة المؤقته للسلطة الفلسطينية، وفي حالة استعانة بأطراف داخلية أخرى، وهكذا.. وكل ذلك في وقت واحد، والمفروض أن تنسجم هذه السياسات مع بعضها البعض، لا أن تتضارب وتتداخل، بما يؤول إلى الاستنزاف الداخلي، والإلهاء عن ساحة الصراع الحقيقية، والنظر إلى "الحصيلة النهائية" والتقويم يكون من خلال النظر إلى مختلف السياسات مجتمعة، لا أن ننفرد بكل سياسة يمعزل عن السياسات الأخر.

- إن التحديات الداخلية (الكيان الخنازيرائيـــلي والسلطة الفلسطينية) والخارجية (الضغوط والإكراهات) التي تجابه حركة المقاومة في نهجها السياسي والجهادي، بفرض عليها أن تمتلك أفقا سياسيا وخطا تأصيليا حتى لا تقع في المطبات التي يضعها لها أعداؤها، ومن المطبات الدخول في اقتتال داخلي، ونكتفي بنثالين من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. الأول: ما روته لنا كتب السنة والسيرة من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : "ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم؟ قلت : يا رسول الله ألا تردها إلى قواعد إبراهيم؟ قال : لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت" رواه البخاري ومسلم. الثاني، ما تناقلته كتب السنة والسيرة عن قصة عبد الله بن أبي بن سلول الذي قال : والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله ، دعني أضرب عنق هذا المنافق ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعه لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه..
__________________