عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-09-2005, 03:00 AM
noureddinekh noureddinekh غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
الإقامة: europe
المشاركات: 855
إفتراضي

نهاية بطولية


تم اعتقال عمر المختار في 11 سبتمبر من عام 1931م، بعد مناوشة بالذخيرة الحية حدثت ما بين المجاهدين تحت قيادته وسرية الصوراي الإيطالية للفرسان التي كان أغلبية جنودها من الليبيين.

وكانت الحاميات الإيطالية قد عرفت بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة، ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن أصيب حصان عمر المختار بطلقة نارية فوقع على الأرض وعلى ظهره عمر المختار الذي أصيب بجرح بسيط ، مما أدى إلى محاصرته بجميع جنود السرية بعد أن تعذر على اتباعه مساعدته على النهوض، مما جعله يحاول الاختباء تحت إحدى الشجيرات، حيث لم يبق طويلا حتى تعرف عليه أحد الليبيين الذي كان من بين جنود سرية الصوراي الإيطالية، حيث أخذ يصيح بأعلى صوته منادياً بقية الجنود قائلا " عمر.. عمر المختار أسرعوا ".

مما جعل ضابط السرية يصدر أوامره لجميع الجنود بمحاصرة الجريح من أجل اتخاذ الاستعدادات السريعة لنقله إلى مقر القوات الإيطالية في سوسة .

وقد صادف وقتها أن كان غراتسياني في روما، ولم يصدق غراتسياني سقوط عمر المختار تحت أيديهم في بادئ الأمر، وكان غراتسياني وقتها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة؛ هرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، وكانت الأقلام اللاذعة في إيطاليا بدأت تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع.

وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من بنغازي مفادها أن عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر.

فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه.

وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر , وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صباح ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني، كما قال فى كتابه (برقة المهدأة) في الحديث مع عمر المختار:

وقال : "عندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا؛ لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة؛ نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر,
وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح."

وقد وجد غراتسياني أن تلك فرصة ثمينة لا يجب التفريط فيها ، فقام باستغلالها إعلاميا من أجل تدمير أسطورة البطل عمر المختار، كذلك من أجل إخماد استمرارية المقاومة نفسيا سيكولوجيا لدى المجاهدين الليبيين وكذلك في نفوس بقية المواطنين العرب حيث أخذ يلوح بالدرس القاسي الذي لحق بعمر المختار على حد قوله بسبب عناده وعدم استسلامه لسلطة الحكومة الإيطالية .

ويصف سجان عمر المختار ليفي Livio شيخ المجاهدين بقوله : "كان شيخاً متوسط الطول عنيدا عيناه تشعان ببريق الدهاء والحيلة ، ويبدو منظره كطائر جارح بسبب التقوس الذي يبدو في ظهره ، بالإضافة إلى عمق التقاطيع التي تمتد من أعلى جبهته لتستمر فوق حاجبيه ثم تنحدر إلى أسفل حيث تتقاطع عند فمه ثم تتوارى عند ذقنه تحت لحيته البيضاء القصيرة ، أما لون بشرته فإنه كان يميل إلى اللون الأسمر".

ويروي ليفي السجان أن عمر أثناء سجنه، نهض من مكانه وهو يزمجر غاضباً كالأسد متأثراً بما حصل له .. بينما أخذ يتفوه ببعض العبارات يرددها قائلا " الكلب الكلب .. حتى عمر غدر به .. حتى عمر كان له يهوذا ".

وأضاف عندما هدأ غضبه اقتربت منه حيث جلس وأخذ يروي كيف وقع من على حصانه الذي أصيب بجراح ، ثم كيف حاول الاختباء تحت الشجيرات القريبة منه ، ولكن أحد فرسان الصواري والذي كان من العرب استطاع اكتشاف عمر المختار وهو مختبئ تحت الشجيرة . ( يصمت عمر قليلا .. ثم يضيف بحدة وغضب : إن العربي الذي اكتشفني تحت الشجيرة يعتبر أخي .. لم يسكت بل بدأ يصرخ عندما عرفني بأعلى صوته باسمي كاملا .. وهو يردد عمر .. عمر المختار، فلو أن ذلك الكلب الخائن لم يتفوه بكلمة واحدة عني فلربما تم نقلي مع بقية الأسرى كشخص عادي ، فلا أحد يعلم فيما بعد فلربما أستطيع الهرب بمساعدة أحد رفاقي".

وطوال الليلة التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام، كان يتحلى المختار بشخصية البطل المسلم المؤمن بالقضاء والقدر، ويؤكد السجان ليفي ذلك بقوله : "في الحقيقة كان عمر رجلا يصلي لله منذ انبلاج الصبح إلى غروب الشمس مع نهاية كل يوم، رجلا يصلي لله ليلا بدلا من أن يتمشى .. رجلا يصلي لله من أجل أسرته وماشيته ثم الطريق الذي سوف يسلكه .. رجلا يصلي لله من أجل حماية حياة المسلمين جميعا ومن أجل مواصلة الكفاح العادل المقدس الذي أمر به الله سبحانه وتعالى".

وفي فجر يوم الإعدام عندما سمع عمر المؤذن ينادي المسلمين لأداء الصلاة، قام من نومه وتوجه نحو القبلة وأدى الصلاة.

وكان تحدد مصير عمر المختار قد تحدد يوم 15/9/1931 في صالون بالاس ليتوريا بمدينة بنغازي ، حيث تم إجراء محاكمة صورية له تم فيها الحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت وفي صباح يوم 16/9/1931 كما يورد غراتسياني في كتابه " برقة المهدأة " بقوله : "عند الساعة التاسعة صباحا بالضبط من يوم 16/9/1931وبحضور جميع أعيان القبائل البرقاوية في المعسكرات القريبة من بنغازي تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في عمر المختار زعيم الثوار المتمردين" .

وكان قول "إنا لله وإنا إليه راجعون" آخر ما ردد عمر المختار عندما وقف على منصة المشنقة


http://us.moheet.com/asp/subject.asp?ch=12