عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 02-10-2005, 03:31 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

الـــــــدواء الفعّــــــال !


طُرِقَ الباب.. تصنعتُ النوم فلم أجب .. تواصل الطرق !
لا أريد الصدام معه أو إغضابه أكثر من ذلك ..
لا قوة لي في المزيد من الجدل والنقاش !!
أدار مقبض الباب ففتحه .. توقعتُه هو ..
ولكني أخطأتُ في توقعي .. إنها والدته !!!
اعتدلتُ جالسةً .. أضأتُ المصباح الخافت .. أجلستُها .. ابتسمتُ لها ..

إنها تحمل شيئاً ما في يدها !! ماذا أيضاً ؟!!
سألتني بتشكك :
- ألم تنامي بعد ؟ ما الذي يؤرقك ؟
يكاد الفجر أن ينسج خيوط ضوئه لينير أرجاء الكون !
استغربتُ اهتمامها بأرقي وقلة نومي ! ثم من حديثها العذب !
فقلتُ ببراءة :
- لا شيء البتة يا خالتي ! هرب النوم عن أجفاني فقط لا غير !
ولكني سأحاول النوم علّي أفلح !!

قالت في محاولةٍ جادة للتأثير عليّ :
- لديّ دواءٌ لك ! ما رأيك بأن تجربيه ؟ إنه جدُّ مؤثر وفعّال !
كانت تبدو وديعة مما جعل تعجبي منها يتلاشى بسرعة .. فقلت :
- حقاً ؟! وما دواؤك ؟!
رفعتْ يديها أمام عينيّ .. وقدّمتْ لي قماشاً ملفوفاً بحجم يصغر حجم البيضة قليلاً ..
محشوّاً في داخله بشيء يميل إلى الصلابة نوعاً ما !
تسمّرتْ نظراتي في هذه القطعة .. تحوّلتْ أنفاسي إلى تنهيدة طويلة !
ثم انتقلتْ عيناي بتلقائية إلى عينيها الغائرتين ..
ثم إلى ذقنها الذي امتلأ بشتى رسوم الوشم !!..
فتحتُ فاهي لأسألها عن الدواء الذي وصفته لي !

فتداركتْ استغرابي وقالت تصطنع البساطة :
- هل تعلمين أن هذه التميمة بحوزتي منذ ما يربو على العشرين عاماً ؟
اتسعتْ حدقتاي وأنا أهتف :
- تميمة ؟!!! هل هذا هو الدواء ؟!
أجابت بحماسٍ :
- نعم .. نعم تستطيعين تعليقها على نحرك أو عضدك ..
أو وضعها بين ثيابك أو في فراشك ..
و أعدكِ بأن أعمل لكِ واحدةً تخصك وحدك وباسمك !
- لي أنا ؟ وباسمي ؟!

اعتدلتْ في جلستها ثم قالت :
- نعم نعم .. إنها تدفع الضر والحسد والعَين والسحر وتجلب لك النفع وتشفي من الأمراض ..
كما أنها تساعد على النجاح وتردّ كيد الأعداء ..
عُدتُ إلى الواقع .. مازلتُ تحت تأثير كلامها الغريب !
فسألتها :
- وهل تفعل التميمة كل هذا يا خالتي ؟!!
أوه لا أصدق !! إذن فهي مفيدةٌ جداً !!!
أجابت بسرعة :
- بالطبع بالطبع مفيدةٌ جداً ..
ألا ترين جميع أبنائي وبناتي يعلقونها على أعضادهم !! وعلى نحورهم !
إنها هي التي تحميهم وتذود عنهم .. نحن لا نتركها أبداً !!

ابتسمتُ باهتمام :
- أخبريني يا خالتي عن محتوى هذه التميمة حتى يكون لها كل هذا المفعول !!!
ضحكتْ بملء فمها وقالت وهي تضرب كفاً بكف :
- سؤالك أعجبني .. يا عزيزتي .. تُكتب فيه أدعية نبوية شريفة مع شيء من القرآن الكريم ...
قاطعتها باستغراب :
- أدعية نبوية وقرآن كريم ؟!! أليس في ذلك امتهانٌ لها ؟
فالمرء يحملها - على حدّ قولك - في كل مكان !!
إذاً ستكون معه أيضاً حين قضاء حاجته واسنتجائه .. و ...

بلعتْ ريقها بصعوبة و تابعتْ في تجاهل لسؤالي :
- أيضاً يُكتب فيها توسّل بالأولياء والصالحين ..
كما تحتوي أيضاً على أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ..
وتُرسم فيها بعض النجوم وبها كلامٌ بغير لغة العرب ..
توقفتْ أنفاسي وجفّ حلقي .. بدا عقلي وكأنّه سيتّقد ..
رمقتها بنظرة فاحصة ثم قلت :
- هل ما تقولينه صحيح يا خالتي ؟! وهل تريدين مني بعد كل ما ذكرت أن آخذها ؟
أو حتى أعتقد في نفعها ؟!!!!!

تلاشتْ ابتسامتها و انعقد حاجباها ...
- ماذا تقصدين ؟! إنها آمن وسيلة لحياةٍ سعيدة وأفضل علاج للقلق والهم ..
ضعيها تحت وسادتك وسترين ...
إنها ... دخل الزوج في هذه الأثناء بخطواتٍ وئيدةٍ وكأنه كان يستمع إلى حديثنا !
ووضع يده على كتف والدته يطمئنها .. ونظراته تعصف بي ..
- ستأخذها يا أمي فلا تُبالي ..
وستضعها تحت وسادتها أو في أي مكانٍ تريدين !
وإنْ لم تفعل فسأعرف أنا كيف أجعلها تفعل .. لا تقلقي يا أمي !!!

نهضتْ واقفةً وقد عادت ملامح السعادة إلى وجهها :
- حسناً .. أتمنى لكِ نوماً هنيئاً برفقتها .. حافظي عليها جيداً ..
إنها سبب حفظنا جميعاً .. تصبحون على خير ..
ثم .. وضعتْها في يدي وضغطتْ بها باهتمام في كفي .. ثم .. خرجت !!!!
تقدّم الزوج إليّ بتحدٍ ومدّ يدهُ ليأخذها وأنا مشدوهة .. فناولته إياها ! مشى متعمداً بكل امتهان وزهوّ ووضعها تحت وسادتي ..
ثم .. ثم رفع سبابته متوعداً :
- إياكِ ثم إياكِ أن تخرجيها من تحت الوسادة !!
علّها تنفعُ في دفع الحسد والعين التي بيننا !!!!!
ثم ألقى بجسده على الفراش .. ونام ..

وقفتُ أتهادى من فرط الحسرة !! أيّ عينٍ وأيّ حسد ؟ إنه واهم !!
يُعلّل الأمر بهما وما هو إلا خلافٌ عقائديّ دينيّ قوي فحسب !!!
أطفأتُ الضوء .. دسستُ يدي تحت الوسادة ..
أمسكتُ بها بعنف .. كم أخافها !!
سأخرجها دون علمه .. وأضعها في أي مكان حتى الصباح ..
وما كدتُ أفعل حتى ارتفع صوته يخترق الفضاء :
- أعيديها إلى مكانها .. وكُفِّي عناداً ..
وإلا أرغمتك على تعليقها على نحرك !!!!
شهقتُ من الخوف .. لم أتحدث .. وضعتُها في مكانها ..
فاضتْ عيناي بالدمع الغزير ..
حتى اغرورقت وسادتي وأنا أكتم الأنين ..

مضتْ ساعة !! إنه لا يتحرك ! لزمتُ الهدوء .. سمعتُ أنفاسه تنتظم ..
إنه دليل قويّ على نومه ..
أخرجتها برعب .. وضعتُها في أحد الأدراج بجانبي ..
ثم افترّتْ شفتاي عن ابتسامة وارتياح ..
فغرقتُ في نومٍ عميق بعيداً عن الخزعبلات ..
وقبل استيقاظه أعدتها تحت وسادتي ..... و ..... نهضت !!!




وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس