عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 02-10-2005, 09:02 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أثر التطور بالأدوات الزراعية على ظهور التشوهات الاقتصادية :



لا بد من التأكيد بدءا ، على عدم الظنون بخلط ما بين وصف ما حدث وتحليله .. وبين ما يجب الإقرار به من ضرورة لإستخدام أحدث المكائن والآلات للحاق بالأمم التي نهضت .. لكننا سنعيد التأكيد على أننا نشخص حالة ارتباك النمو بين نزعة الاستهلاك و النزوع لتطوير الانتاج ..

لقد شاهدت بأم عيني استخدام الحيوانات في الحراثة والدرس والنقل .. وشاهدت أيضا الحراثة بواسطة (المر ) وهو أشبه بالكاروك ذو رأس مدبب حاد ، كان يستخدمه بعض أهالي المنطقة الكردية شمال العراق ، لوعورة المكان ، بسفوح الجبال ، حيث لا يمكن أن تتم الحراثة بواسطة البغال او الحمير ، فكان من يحرث هو الآدمي ( الانسان ) ...

لقد دخلت مكائن الحراثة في نهاية الخمسينات وبداية الستينات ، ثم تلتها في أواخر الستينات وأوائل السبعينات مكائن الحصاد للحنطة والشعير والعائلة النجيلية بشكل عام .. ثم دخلت في التسعينات مكائن ضغط بالات القش .. وكان الأثر العام على ادخال تلك المكننة متمثلا بما يلي :

1 ـ تقلصت أيام العمل السنوي في حياة الفلاحين الذين كانوا يشغلون حوالي 270 يوما من السنة بالعمل الشاق لكل الأسرة .. الى يومين أو اسبوع بأحسن الاحوال .. فاصبح يوم للزراعة ويوم للحصاد ..في حين كان موسم الحراثة يتم لمدة خمسة شهور من أغسطس/آب حتى يناير /كانون الثاني .. ويليها أيام عمل للتعشيب وازالة الغرائب من الأدغال من بين نباتات المحصول .. ثم يأتي موسم الحصيد والدرس والتذرية والقطاف و التخزين .

2 ـ تم الاستغناء عن حيوانات العمل .. وحظائر مبيتها .. ثم تعدى ذلك التخلص من حيوانات الحليب و اللحم ..

3 ـ تغيرت معالم المساكن ، التي كانت مخصصة لنمط شبه أزلي قديم ، الى مساكن حديثة تتم بالتقليد والمشابهة ، فتغير معها النمط العام لرمزية المكان ، حيث أصبح يقطن في البيت أجيال لا تنظر نفس النظرة لمفهوم المسكن الجديد.

4 ـ تغيرت الأدوار في الأسرة التي كانت تتقاسم العمل فيما بينها ، الى كومة من الأشخاص الضجرين الذين لا يروا مصيرهم بوضوح .. فكثر بين أفراد الأسرة التنافر والتذمر وحتى حالات الطلاق ..

5 ـ بدخول تلك الأنماط من الحياة العملية ، وظهور أصناف من المهن التي تعتمد على الراتب وبالذات الراتب الحكومي ، أخذت النظرة الى الأرض تنقص أهميتها شيئا فشيئا ..

6 ـ تبخر تراث عملي كامل ، ولم يحل محله الا حالة من عدم الاستقرار لقطاعات كبيرة من المجتمع .. فأصبح التنقل من مهنة الى مهنة هو السائد بين كثير من المواطنين العرب ..

7ـ تدهورت خصوبة الأرض وزال غطاء رعوي من النباتات المستساغة رعويا حتى انقرض الكثير منها كالعنجل و النفلة و القحوانة البرية واللزيق ، وانتشرت نباتات كالشلوة و المقرة والسعد والحليان والتي تنخفض قيمتها الرعوية ..

8 ـ تدهورت أصناف البذور التي عمل عليها أجدادنا آلاف السنين .. وحل محلها أصناف مستوردة لا ثبات بانتاجها .. حتى اتسم القطاع الزراعي بسمة (اللايقين) ، حيث لم يعد أي فلاح يتيقن من مستقبل محصوله ..

9 ـ تدهورت جودة التربة من خلال حرثها باتجاه واحد فتعرت التربة و ذهب الوجه الخصب المتجدد .. مما جعل التصحر يزحف شيئا فشيئا نحو الحقول الخصبة ..

10 ـ نتيجة لزوال جزء هام من الغطاء النباتي .. انخفضت معدلات الأمطار ..

11 ـ طرح كميات هائلة من المواطنين في الشوارع و الأسواق لا يمكن تصنيفهم على أي مهنة ..

12ـ باع الكثير من المواطنين أراضيهم للتمتع بالحياة .. وبعد ان انتهت تلك الأثمان ، من خلال توظيفها في بناء بيت حديث و سيارة .. حتى أصبح معظم المواطنين يعيشون حياة مرتبكة .. أدت الى ارتفاع أعمار الزواج ، مما أحدث خللا عاما في المسلكية الخلقية ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس