عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 02-10-2005, 09:07 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أثر الإعــــــلام في التشوهات الاقتصادية :



الإعلام باللغة مصدر من الجذر (علم) أي أخذ علما بالشيء .. وإعلام ، يعني إحداث هذا العلم بالشيء .. و أخذ العلم بالشيء ، يفترض وجود الشيء نفسه ، وعندما تحدث عملية التساؤل و يأتي الجواب ، يعني جاء العلم بالشيء !

عندما كان المجتمع بمحدودية حركاته و طلباته و حتى أحلامه فان العلم بتلك الحركات و الأحلام والطلبات قد تكون بالفعل نتيجة تناقل الخبرات من جيل لجيل حتى أحس المواطن بأن لديه معلومات كافية لتمشية أمور حياته .. فكان يعرف ماهية مواد البناء البسيطة و كيفية الحصول عليها ، وكان يعرف كيفية تحضير الأرض للزراعة والبذار ، والحصيد الخ .. وعرف كل شيء عن الزواج وبروتوكلاته البسيطة ..

وكان من يسافر ينظر اليه على أنه انسان اطلع على تجربة جديدة .. ومن قرأ كتابا أو استمع لقصة ، فانه يقدم خدمة إعلامية لمن حوله .. والغريب أن هذا المسافر أو القارئ ، كان يخضع ما تم الاطلاع عليه الى مخزونه من المعرفة ، فلا يذهب بعيدا في سرد غرائب ما رأى أو قرأ .. بل يحذف من ذاكرته كل شيء بعيد عن المعقول فيما يجب تصديقه !

وعندما حدثت ثورة سريعة في الإعلام خلال خمسين سنة بكل وسائله ، الصحف و الإذاعة والتلفزيون والسينما و المسرح والكتاب .. وحتى السفر ووسائله .. من تطور النقل بالطيران والنقل السريع .. عندما حدث كل هذا ، رأى المواطن أن العالم عرض عليه بمعظم تفاصيله العامة ، و أحيانا تفاصيل خاصة ..

فحدث فجوات هائلة بالنواحي الإيبستمولوجية ، فتمزقت حالة التجانس المعرفي ، حتى في الأسرة الواحدة .. و أصبح المجتمع العربي كأنه أرخبيل من الجزر الهائلة التي لا تتواصل مع بعضها البعض كفريق ، أو حتى كمجتمع ينمو نموا طبيعيا ..

وكان لا بد للمواطن أن يتخذ موقفا مما حوله ، ونتيجة لهذا الطوفان من المعلومات التي اقتحمته ، دون أن يقدر على التعامل معها بشكل عقلاني طبيعي ، ونستطيع أن نؤشر على بعض مظاهر التشوهات التي حدثت :

1 ـ عدم إحترام الأجيال القديمة .. كمصدر منزه للنظر للحياة .. مما خلق فجوة واضحة بمسألة النمو الطبيعي للمجتمع ..

2 ـ خلق ارتباك بطرز العمارة و التغذية واللبس و التعليم .. فتجد في حي واحد طرز بناء غربية وشرقية و اسلامية .. وتمشي في الأسواق فتجد من يلبس الجلباب ومن يمشي ببنطلون ضيق وقصير .. و تذهب الى المطاعم فترى من يطبخ الضفادع و الكوارع و الهمبرجر ..

3 ـ اختلال نظم الانضباط ، فلم يعد الشيخ الواعظ له تلك المكانة السابقة ، بل أصبح كأنه جزء من فلوكلور قديم .. وكذلك مكانة الجد بالأسرة ، والمعلم المحافظ .. وحتى الدولة تركت دون مناقشة ، لأن أحد واجباتها الوعظ و حفظ الانضباط .. فتركت حتى أصبحت مصدرا إضافيا لخلق عوامل التشوه ..
فمن يعد الى أربعين عاما ، كان يجد وقارا وجلالا و انضباطا لدى رئيس الدولة ووزراءه ومدراءه العامين ومدراء المدارس .. رغم عدم قدرتهم على الابداع .. لكن الصورة الآن مختلفة ..

4 ـ ضعف حالة الانتماء الوطني .. وظهرت الرغبة بالهجرة .. والسخرية من الوطن والمواطنين والقيم والعادات الخ ..

5 ـ تم استغلال الثورة الإعلامية لتهيئة المجتمع بحسن نية أو سوء نية للوصول الى ما وصلت اليه الأمة ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس