عرض مشاركة مفردة
  #172  
قديم 07-10-2005, 06:25 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

كما ثبت في صحيح مسلم بن الحجاج -رحمه الله- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن مسألة القصر في السفر قال: ( صدقة من الله ) ( قالوا: يا رسول الله، هانحن قد أمنا، والله -جل وعلا- يقول في سورة النساء: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً {101}‏ وقد أمنا.
فقال -عليه الصلاة والسلام-: صدقة من الله عليكم، فاقبلوا صدقته ).

فالله -جل وعلا- يتصدق على عباده، بمعنى: يوصل الخير وما ينفعهم لهم، فالصدقة: إيصال الخير للغير، وقد يكون هذا الإيصال متعديا، وقد يكون لازما، يعني: قد يكون العبد يوصل الخير لنفسه فيكون متصدقا، ويوصل الخير لغيره فيكون متصدقا على غيره.

فالصدقة معناها في الشريعة عام، ومنها الصدقة بالمال؛ فإنها إيصال الخير والنفع للغير، قال -عليه الصلاة والسلام-: ( أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ) لأن معنى الصدقة عام: ( إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة ) .

مثل -عليه الصلاة والسلام- بهذه الأربع لأمرين:

الأول: أنها من أنواع الذكر اللساني، فمثل بها على أنواع الذكر الأخرى؛ لأن هذه أفضل الذكر، كما ثبت في الصحيح أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ( أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ) .
فهذه الأربع هي أحب الكلام إلى الله، فهي أعظم ما تتقرب به إلى الله -جل وعلا- من الذكر، وتتصدق به على نفسك، فقال: ( إن بكل تسبيحة صدقة ) لأن فيها الأجر العظيم، فتصل بالتسبيحة نفسك بأنواع الخير والأجر.

كذلك التحميد والتهليل والتكبير، ثم انتقل -عليه الصلاة والسلام- إلى نوع من الصدقة متعد، فقال: ( وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة ) هذا تمثيل لأنواع الصدقات التي فيها التعدي النفع، فذكر الأمر بالمعروف، والمعروف: هو ما علم حسنه، والأمر به في الشريعة، فما عرف في الشريعة حسنه، فهو معروف.

والمنكر -ضده-: ما عرف في الشريعة سوءه ونكارته، فمن أمر بما عرف في الشريعة حسنه فقد أمر بالمعروف، وأعلاه التوحيد، ومن نهى عن المنكر -وهو ما أنكر في الشريعة- وأعلاه الشرك بالله -جل وعلا- فقد نهى عن المنكر، فإذن كل أمر بمعروف صدقة لك، وكل نهي عن المنكر صدقة.

وتعليم العلم يدخل في ذلك، فهو من أنواع الصدقات، فمن لازم العلم تعلما وتعليما فإنه يتصدق في كل لحظة تمر عليه على نفسه، وكذلك على غيره؛ ولهذا أهل العلم أعظم الناس أجورا إن صلحت نياتهم.

قال: ( وفي بضع أحدكم صدقة ) البضع المراد به في اللغة بعض الشيء؛ لأن البضع والبعض فيها قلب "ب ض ع"، و"ب ع ض" يعني: البعض، والبضع مقلوبة هذه عن الأخرى، فمعنى البضع البعض، ولكنهم كنوا به عن بعض ابن آدم، وهو فرجه، وهذا من شريف الكلام؛ حيث يذكر ما يستحيا عن ذكره ولا يحسن ذكره في كلمات تدل عليه، ولا يكون لها وقع ينافي الأدب في السمع.

قال -عليه الصلاة والسلام-: ( وفي بضع أحدكم صدقة ) يعني: فيما يأتيه المرء بفرجه -وهو ذكر الرجل- صدقة، فاستغربوا؛ قالوا: ( يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟! ) .

المراد بالشهوة هنا الماء، يعني: ماء الرجل الذي ينزله، يعني: المراد تمام الشهوة، ( ويكون له فيها أجر؟! ) يعني: المرء يأتي شهوته، وينزل ماءه، ويكون له بذلك أجر؟! فقال -عليه الصلاة والسلام-: ( أرأيتم لو وضعها -يعني: لو وضع الشهوة- في حرام ) .

والذي يوضع هو ماء؛ لهذا فسرت الشهوة هنا بأنها الماء، قال: ( أرأيتم لو وضعها في حرام ) وهذا يسمى استدلال العكس، أو قياس العكس.

( لو وضعها في حرام أكان عليه وزر قالوا: بلى، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) وهذا -يعني: أن ما يفعله المرء من هذه الأفعال التي هي من قبيل الشهوات- إذا أتى بها الحلال، وابتلى الله -جل وعلا- العبد بهذه الشهوة، فجعلها في الحلال، وباعد نفسه عن وضعها في الحرام -أنه يؤجر على ذلك، وهذا هو الظاهر.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }