عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 23-08-2001, 06:53 AM
عساس العساس عساس العساس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 245
Thumbs up

" الدين المعاملة. "


بسم الله الرحمن الرحيم،

الأخ الكريم / بلال نبيل ، حفظه الله ورعاه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

جزاك الله خيراً على التطرق لهذا الجانب الهام، أي التطبيق الفعلي لِلمنهج، والذي أولاهُ الإسلام العناية اللائقة به، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " الدين المعاملة، الدين المعاملة، الدين المعاملة. " ؛ ثلاثاً تأكيداً على أهميتها. فإن اعتناق الناس لِمبادئ ثم تعليق العمل بها، لا يدل على جدواها، كما أنه لا يكسبها أي احترام في أعين الأخيرين.

لِذلك انتشر الإسلام في شرق أسيا وفي أفريقيا على يد التجار المسلمين، في القرون الوسطى، نتيجة تعاملهم التجاري الذي اتسم بالأمانة والصدق، فهَوتهُ أنفس أبناء تلك البلاد وأحبته، وأضربُ لك مثلاً، فبتجارة العاج والملح، وقد كانت جل الصفقات تتم بالمقايضة، أي بتبادل البضائع، حيث لمْ يتوفر البديل النقدي، فكان المسلمون يجلبون الملح ويأخذون عوضاً عنه العاج، والملح ثقيل، فإذا ما نفذت كمياته من عند التجار المسلمين، كان التجار الأفارقة، يصرون عليهم بأخذ ما يشاءون من العاج، على أن يفوا بالملح في العام القادم، وكان يحضر هؤلاء التجار المسلمين لِلوفاء بدون تأخير، وفي بعض الأحايين، من غير حاجة لِلمزيد من العاج، وعندما يستغرب أولئك الأفارقة، يبينون لهم أن الله سائلهم عن هذه الحقوق، يوم الدين، بينما كان الأفارقة يتعاملون أيضاً مع التجار الأوربيون، فيأخذون كميات كبيرة منها ثم لا يعودون، فأسلم الأفارقة.

وعندما أهدى المقوقس عظيم مصر لِرسول الله، صلى الله عليهِ وسلم، من ضمن ما أهدى الجاريتين، ومنهما، مارية القبطية، أم إبراهيم بن محمد، صلى الله عليه وسلم، مولاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ورضوان الله عليها، كان الصحابة الذين عادوا بهما إلى المدينة المنورة، يعملونهما بأشرف وأطهر معاملة، وقي تعلم كيف يتحرش الرسل بالجواري فلما استفسرت منهم عن سر هذه المعاملة وعلمت أنها تعاليم دينهم، أسلمت قبل أن تصل إلى المدينة المنورة، فأعجب رسول الله، صلى الله عليه وسلم بعقلها، فأتخذها لِنفسهِ، وشرفها الله بإنجاب ابنه إبراهيم عليه السلام.

أما الآن، فإن المسيحيين، يحضرون لِبلاد الإسلام إما لِلعمل أو لِلسياحة القبيحة، فيرون أقبح السلوكيات والتعاملات، ولقد قال: الأخ الفاضل، يوسف إسلام، مغني البوب الإنجليزي، الذي أسلم وحسن إسلامهُ ، " لو عرفت المسلمين قبل أن أعرف الإسلام، لما أسلمت. " .

أما في الغرب فإن غالب من يسلمون، يتم إسلامهم إما على يد دعاة ومسلمين ملتزمون فروا بدينهم، فيتأثرون بسلوكهم أيضاً، أو طلاب علم ملتزمون، فيتأثرون بسلوكهم. وأروي لكَ هاتين الحادثتين، الأولى: لاِمرأة أسلمت في السبعين من عمرها على يد طالب علم مسلم ملتزم، نتيجة التعامل الإسلامي، فإن هذا الطالب المسلم اعتاد رؤيتها كل صباح وهي تخرج قمامتها، لِتلقيها في صندوق النفايات، فيحيها، ولما غابت عنه أيام، مر عليها وهو عائدٌ من كليته يتفقدها، فوجدها مريضة، فصطحبها لِلطبيب، وتسوق لها وأخرج قمامتها، ومرضها حتى شُفيت، فلما استفسرت منه، وهي لها أبناء، اتصلت بهم ولمْ يستجب منهم أحد، لمَ يفعل هذا وهي امرأة مسنة؟ حتى المنفعة الشهوانية منتفية معها، أعلمها عن حقوق الجار في الإسلام، فأسلت على كبر، فأنقذها من النار بتعامله، وكسب هو فضل عظيم. والثانية: لأسرة مسلمة، زوجان وعدد من الأطفال، سكنوا حياً، لِفترة من الزمن، جعلت جيرانهم يظنون أنهم ملائكة أو من كوكب آخر، يرون زوج جل اهتمامه بيته، زوجنه وأبناءهُ، ينامون مبكرين ويستقضون مبكرين، لا يسمعون في هذا البيت شجار ولا صراخ، لا خمر ولا موسيقى صاخبة، الزوجات يعجبن من سلوك هذا الزوج، الأزواج يعجبن من سلوك هذه الزوجة، والأباء والأمهات يعجبن من سلوك الأبناء والبنات، فنا عرفوا سر هذا النجاح الأسري، تأثروا فمنهم من أسلم، ومنهم احترم أكد احترامه لِلدين الإسلامي، وغير وجهة نظره الخاطئة عنه.

لولا خشية الإملال لحدثتكَ اكثر من هذا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم المحب في الله تعالى / أبو محمد ؛ عساس بن عبد الله العساس.
__________________
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. " ؛ " يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيه. "