عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-10-2005, 06:43 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

جزاك الله خيرا أخي على موضوعك الجميل، و إسمح لي بهذه الإضافة

مقال للشيخ سفر الحوالي حفظه الله




حكم السفر إلى ديار الكفار والسكنى بين ظهرانيهم من غير ضرورة

الحمد لله الذي لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً، وحصر العزة والكرامة في ذاته العلية وفي رسوله والمؤمنين، وجعل الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه في كل وقت وحين، ورضي الله عن عمر القائل: لقد أعزنا الله بالإسلام، فمن طلب العزة في غيره أذله الله؛ ولله در الصحابي عاصم بن ثابت الذي أقسم أن لا يمسَّ مشركاً ولا يمسَّه مشرك، فأبر الله قسمه حياً وميتاً بأن منع المشركين من مسه بالنحل والسيل، وهذا مصداق لقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك"، أو كما قال.

وبعد..

لقد أوجب الله على المؤمنين الهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام، ولم يستثن أحداً إلا المستضعفين من الرجال، والنساء، والولدان، ومن لم يجد بلداً يؤويه، كما هو الحال الآن، بدءاً بالهجرة من مكة عندما كانت دار كفر إلى المدينة، وانتهاء بأي بلد كافر حتى قيام الساعة، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

والأدلة على وجوب ذلك القرآن، والسنة، والإجماع.

فمن الكتاب

قوله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً".1

كان جندب بن سمرة رضي الله عنه شيخاً كبيراً، فلما أمروا بالهجرة من مكة إلى المدينة وشدِّد عليهم فيها، مع علمهم أن الدين لا حرج فيه ولا تكليف بما لا يطاق، قال لبنيه: إني أجد حيلة فلا أعذر، احملوني على سرير؛ فحملوه، فمات بالتنعيم وهو يصفق يمينه على شماله: هذا لك وهذا لرسولك"2

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع).3

وقال السيوطي في تفسير "ظالمي أنفسهم": (بالمقام مع الكفار وترك الهجرة).

ومن السنة

o خرَّج البخاري في صحيحه بسنده عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود قال: "قطع عن أهل المدينة بعث، فاكتتبت فيه، فلقيتُ عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم4 على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله، أويضرب عنقه فيقتل، فأنزل الله: "إن الذين توفاهم الملائكة".5

o وعن ابن عباس قال: "كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يَسْتخفون بالإسلام، فأخرجهم 6 المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم، قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الآية، قال: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية: لا عذر لهم، قال: فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزلت الآية: "ومن الناس من يقول آمنا بالله" الآية.7

o وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: "أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله".8

o وعن جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى خَثْعَم، فاعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر لهم بنصف العَقَل، وقال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله: ولِمَ؟ قال: "لا تتراءى ناراهما".9

الإجماع

أجمعت الأمة على وجوب الهجرة على المسلم من ديار الكفار إلى ديار الإسلام، ولم يستثنِ من ذلك إلا العاجزين عنها من الرجال والنساء والولدان، وفي هذا العصر الذي كثرت فيه البلايا وعظمت فيه الرزايا من لم يجد له بلداً من بلاد المسلمين يأويه.

وقد نقل ذلك الإجماع الإمام أحمد بن يحيى الونشريسي (المتوفى 914ﻫ)، في رسالة له بعنوان "أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر"، المتضمنة في مؤلفه القيم: "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقيا والأندلس والمغرب"10، في إجابة عن سؤال في جماعة من أهل الأندلس هاجروا إلى المغرب بعد استيلاء الكفار عليها، ولكن بعضهم ندم على الهجرة وعزم على الرجوع إلى ديار الكفر، فقال: (الجواب عما سألتم عنه، والله سبحانه ولي التوفيق بفضله، أن الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام فريضة إلى يوم القيامة، وكذلك الهجرة من أرض الحرام والباطل بظلم أوفتنة، قال رسول الله صلى: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن"، أخرجه البخاري، والموطأ، وأبو داود، والنسائي، وقد روى أشهب عن مالك: لا يقيم أحد في موضع يعمل فيه بغير الحق، قال في العارضة: فإن قيل: فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك؟ قلنا: يختار المرء أقلها إثماً، مثل أن يكون بلد فيه كفر، وبلد فيه جور خير منه.

إلى أن قال:

ولا يسقط هذه الهجرة الواجبة على هؤلاء الذين استولى الطاغية لعنه الله على معاقلهم وبلادهم إلا تصور العجز عنها بكل وجه وحال، لا الوطن والمال، فإن ذلك كله ملغي في نظر الشرع، قال الله تعالى: "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراًً"، فهذا الاستضعاف المعفوّ عمن اتصف به غير الاستضعاف المعتذر به في أول الآية وصدرها وهو قول الظالمي أنفسهم: "كنا مستضعفين في الأرض".

إلى أن قال:

وتكرار الآيات في هذا المعنى وجريها على نسق وتيرة واحدة مؤكد للتحريم ورافع للاحتمال المتطرِّق إليه، فإن المعنى إذا نُصَّ عليه وأكد بالتكرار فقد ارتفع الاحتمال لا شك، فتتعاضد هذه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والإجماعات القطعية على هذا النهي، فلا نجد في تحريم هذه الإقامة وهذه الموالاة الكفرانية مخالفاً من أهل القبلة المتمسكين بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو تحريم مقطوع به من الدين كتحريم الميتة، والدم، والخنزير، وقتل النفس بغير حكم، وأخواته من الكليات الخمس التي أطبق أرباب الملل والأديان على تحريمها، ومن خالف الآن في ذلك أورام الخلاف من المقيمين معهم والراكنين إليهم فجوَّز هذه الإقامة واستخف أمرها، واستسهل حكمها، فهو مارق من الدين ومفارق لجماعة المسلمين، ومحجوج بما لا مدفع فيه لمسلم ومسبوق بالإجماع الذي لا سبيل إلى مخالفته وخرق سبيله.

قال زعيم الفقهاء القاضي أبو الوليد بن رشد رحمه الله في أول كتاب التجارة إلى أرض الحرب من مقدماته: فرض الهجرة غير ساقط، بل الهجرة باقية لازمة إلى يوم القيمة، واجب بإجماع المسلمين على من أسلم بدار الحرب أن لايقيم بها حيث تجري أحكام المشركين، وأن يهجرها ويلحق بدار المسلمين، إلا أن هذه الهجرة لا يحرم على المهاجر بها الرجوع إلى وطنه إن عاد دار إيمان وإسلام كما حرم على المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى مكة، الذي ادخره الله لهم من الفضل في ذلك، قال: فإذا وجب بالكتاب وإجماع الأمة على من أسلم بدار الحرب أن يهجره ويلحق بدار المسلمين ولا يثوي بين المشركين ويقيم بين أظهرهم لئلا تجري عليهم أحكامهم، فكيف يباح لأحد الدخول إلى بلادهم حيث تجرى عليه أحكامهم في تجارة أوغيرها؟ وقد كره مالك رحمه الله أن يسكن أحد ببلد يُسبُّ فيه السلف فكيف ببلد يكفر فيه بالرحمن؟ وتعبد فيه من دونه الأوثان؟ لا تستقر نفس أحد على هذا إلا مسلم مريض الإيمان).
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية