عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 20-10-2005, 06:45 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

حكم الهجرة العكسية من ديار الإسلام إلى ديار الكفر

حديثنا السابق كان خاصاً بوجوب الهجرة على من طرأ عليه الإسلام وهو في بلاد الكفر، حيث يجب عليه وجوباً عينياً أن يهجرها إلى ديار الإسلام إلا إذا غُلب على أمره، أما الهجرة العكسية من ديار الإسلام إلى ديار الكفر فهي من البدع الحادثة، ولذلك لم يتحدث عنها فقهاء الإسلام السابقون، إذ لم تحدث في وقتهم ولم تدر بخلدهم فيفترضوها كما افترضوا كثيراً من المسائل وبينوا حكم الشرع فيها، على الرغم من استحالة وقوع وحدوث كثير منها، لذلك كما قال الونشريسي لم يشر إليها ابن رشد ولا ابن العربي رحمهما الله، فقد حصرا حديثهما عن وجوب هجرة من طرأ عليه الإسلام وهو في بلاد الكفر، وإن كانتا في الحكم سواء.

قال الونشريسي رحمه الله: (وإنما خص من تقدم من أئمة الهدى المقتدى بهم الكلام بصورة من أسلم ولم يهاجر، لأن هذه الموالاة الشركية كانت مفقودة في صدر الإسلام وغرته، ولم تحدث على ما قيل إلا بعد مضي مئات من السنين، وبعد انقراض أئمة الأمصار المجتهدين، فلذلك لا شك لم يتعرض لأحكامها الفقهية أحدٌ منهم، ثم لما نبغت هذه المرة الموالاة النصرانية في المائة الخامسة وما بعدها من تاريخ الهجرة وقت استيلاء ملاعين النصارى دمرهم الله على جزيرة صقلية وبعض كور الأندلس، سئل عنها بعض الفقهاء واستفهموا عن الأحكام الفقهية المتعلقة بمرتكبها، فأجاب: بأن أحكامهم جارية على أحكام من أسلم ولم يهاجر، وألحقوا هؤلاء المسؤول عنهم والمسكوت عن حكمهم بهم، وسوّوا في ذلك بين الطائفتين في الأحكام الفقهية المتعلقة بأموالهم وأولادهم، ولم يروا فيها فرقاً بين الفريقين، وذلك لأنهما في موالاة الأعداء، ومساكنتهم، ومداخلتهم، وملابستهم، وعدم مباينتهم، وترك الهجرة الواجبة عليهم، والفرار منهم، وسائر الأسباب الموجبة لهذه الأحكام المسكوت عنها في الصورة المسؤول عن فرضها11 بمثابة واحدة، فألحقوا رضي الله عنهم الأحكام المسكوت عنها في هؤلاء المسكوت عنهم بالأحكام المتفقة فيها في أولئك، فصار اجتهاد المتأخرين في مجرد إلحاق المسكوت عنه بمنطوق به مساوٍ له في المعنى من كل وجه).12

قلت: كيف يدور بخلد أحد من السلف الصالح أن يهاجر المسلم عن طواعية واختيار، بل ويسابق وينافس في ذلك، من ديار الإسلام التي يشتهر فيها الإسلام، ويُعلن فيها الأذان، وتُصل فيها الأرحام، ويُؤمر فيها بالمعروف، ويُنهى فيها عن المنكر، إلى ديار الكفر حيث يُدَّعى فيها بالتثليث، وتُضرب فيها النواقيس، ويُعبد فيها الشيطان، ويُكفر فيها علناً بالرحمن، وتنتشر فيها الرذيلة، وتنعدم فيها الفضيلة؟



العلة في تحريم الهجرة والسكنى في ديار الكفار أو بقاء ما طرأ عليه الإسلام فيها

العلة الكبرى والحكمة العظمى في تحريم الهجرة إلى ديار الكفار ووجوب الهجرة منها المحافظة على الدين، إذ به نجاة الإنسان الأبدية وسعادته الأخروية، وضياعه من أعظم الخسران، إذ لا يساويه ضياع النفس، والمال، والأهل، والولدان.

الدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران

والخوف من الكفر ولو على الأجيال القادمة للمهاجر، وأخشى ما أخشاه أن يشمله الوعيد الذي ورد في الحديث الصحيح: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أوينصِّرانه، أويمجِّسانه"، ألا يخشى الذي يساكن هؤلاء الكفار أويعاشرهم أن يتهوَّد، أويتنصَّر، أويشرك أحدُ أحفاده القادمين؟! أما يدري أنه سيحاسب على ذلك حساباً عسيراً؟! ولهذا لم يفرِّق الشارع في تحريم ذلك بين من هدفه الدعوة والتعليم ومن هدفه سوى ذلك من المهاجرين، إلا المضطرين.



المخالفات الشرعية المترتبة على الهجرة والسكنى في ديار الكفار

لم يحرِّم الشارع الحكيم ولم ينه الرسول الكريم عن شيء إلا إذا ظهرت أضراره، وعظمت أخطاره، وتعددت مفاسده.

والعبرة بالأخطار والأضرار الدينية التي يغفل عنها جل المهاجرين إلى ديار الكفر، حيث غرضُهم الأول والأخير المصالح الدنيوية، والراحة الجسدية، والمتع الزائلة، والأوهام المسيطرة على أفهام وعقول كثير منهم.

على الرغم من أن مخاطر الهجرة إلى بلاد الكفار والسكنى بين ظهرانيهم على المهاجر وأسرته، وأحفاده من بعده إن كانت له أسرة لا تنحصر، وأن الهجرة محرمة ولو سلمت من كل تلك المخاطر والمخالفات، مع ما يدخر له من الإثم، إلا أننا سنشير إلى طرف منها، لعلها تجد أذاناً صاغية، وقلوباً واعية، ونفوساً زاكية.

أخطر المخالفات الشرعية والأضرار الدينية في معاشرة ومساكنة الكفار ما يأتي13:

1. مشاهدة المنكرات ومؤالفتها.

2. عدم إشهار الشعائر التعبدية.

3. الفتنة في الدين على النفس، والأولاد، والنساء، والأحفاد.

4. هجر الأمر، والنهي، والنصيحة، إذ لا مجال للقيام بذلك هناك.

5. الخوف من الوقوع في الزنا والفاحشة.

6. المعايشة تدعو إلى التشبه بالكفار والتخلق بأخلاقهم.

7. ترك اللسان العربي.

8. الخوف على النفس، والمال، والولد، والأهل.

9. مولاتهم.

10. الأفال في تلك البلاد ملك للدولة بحكم القانون.

11. ليس للمسلم على زوجه وولده أي ولاية.

12. فيحال الفراق يحال بين الأب وأبنائه، خاصة لو كانت زوجته كافرة.

13. الخف من تزويج البنات المسلمات بالكفار.

14. تعلق النساء والأولاد بالدنيا يجعل من العسير على الأب إذا عزم على الرجوع أن يطاوعه هؤلاء على ذلك، فإما أن يطاوعهم ويجلس معهم وإما أن يتركهم.

15. درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فما يستفيده المسلم من هجرته إلى تلك البلاد من الحرية الشخصية والمصالح الدنيوية من تعليمية وعلاجية ونحوها، لا يساوي الأضرار المشاهدة من المآسي، وما يعرفه المقيمون هناك أضعاف أضعاف ما نعرفه نحن.

16. المضايقات وردود الأفعال التي تصيب المهاجرين، كما حدث إثر حوادث الحادي عشر من سبتمبر.

وأخيراً أقول: لله در عمر بن عبد العزيز خليفة وقته عندما نهى المسلمين عن الإقامة بجزيرة الأندلس، مع أنها كانت في وقته رباطاً لا يُجهل فضله، ومع ما كان المسلمون عليه من القوة والظهور، فكيف بمن يلقي اليوم بنفسه وأسرته طائعاً مختاراً في ديار الكفار مع شدة سطوتهم، وكمال قوتهم، ونهاية جبروتهم وطغيانهم؟!!

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

واللهَ أسألُ أن يرينا وجميع إخواننا المسلمين الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ونسألك نفوساً مطمئنة، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك، وصلى الله وسلم وبارك على الناصح الأمين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته الميامين.


http://www.alhawali.com/
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية