الأوضاع العامة في ايران في القرن التاسع عشر
تشابهت الحكومات و العهود التي تناوبت على حكم ايران منذ عهد الصفويين ، في شكل أدائها العام ، فهي أقرب للنظام الملكي .. ولم يكن عهد القاجاريين يختلف عن ذلك الشكل . فقد انقسم عهدهم الى قسمين النصف الأول منه ، سمته العامة هي التعطش لسفك الدماء و العنف .. والثاني عهد اتسم بالنهب لثروات البلاد والتمتع بها خارج البلاد .. ولمواكبة و استمرار هذا السلوك ، كانت الضرائب الفاحشة و الاقتراض من الخارج .
السكان و توزيعهم :
قدر عدد سكان ايران في منتصف القرن التاسع عشر بين تسعة و عشرة ملايين نفس . وكان 6.5 مليون يسكنون ويستقرون في الريف و المدن ، ومن كان يسكن منهم الريف كانوا حوالي 5.5 مليون ، في حين يسكن مليون في مدن يزيد عدد سكانها عن 10 آلاف نسمة .
ملكية الأراضي و التصرف بها :
كان حوالي نصف أراضي إيران الصالحة للزراعة ، تملكها الأسرة الحاكمة ، ولو أضفنا أملاك الأمراء و الحاشية لارتفعت النسبة أكثر .. ويلي هؤلاء زعماء القبائل الفارسية والكردية والتركية والعربية .. وقد كانت أملاك أحدهم تصل الى ألفي قرية .. وان هؤلاء الملاك يتقاضون ممن يزرع تلك الأراضي مبالغا من المال هي أشبه بالضرائب ، وكانت تلك المبالغ تزيد حسب رغبة الشاه .
بالمقابل فان هؤلاء الزعماء يقدمون للتاج بدل تلك الإقطاعيات ، أعدادا من الجند يكونوا من ضمن رجال إقطاعياتهم و قبائلهم .. وهم بالحقيقة يشكلون في النهاية قوام الجيش الإيراني .. حيث أن لا جيش للدولة غير هؤلاء ، ويحتفظ الشاه في العهد القاجاري سوى قوة صغيرة هي الحرس الملكي الخاص ..
من هنا كنا نرى كيفية فشل هذا الجيش باستمرار ، في حروبه مع دول مثل العثمانيين و الروس ، حيث كان بهما جيشان محترفان جاهزان مدربان ..
القوى المؤثرة اجتماعيا واقتصاديا في ايران
· الجهاز الإداري في العهد القاجاري :
لم يكن الجهاز الإداري بمستوى معقد ومتطور في العهد القاجاري .. بل كان كبار موظفي الدولة : هم الوزير الأول أو (الصدر الأعظم) وأحيانا يلقب ب ( معتمد الدولة ) .. و ( مستوفي الممالك ) وهو المسؤول عن إيرادات الدولة .. و وزير الجيش (وزير لشكر) .. ووزير الخارجية ..
أما ما يلي هؤلاء فهم موظفون كانوا يدفعون من المبالغ لقاء ثمن وظائفهم التي كان يطغي عليها الفساد والرشوة ..
· الحالة الاقتصادية :
كان سكان المدن من التجار والحرفيين و العاملين في الإدارات الحكومية ورجال الدين .. والفئة الأخيرة أي رجال الدين من الملالي والمجتهدين الذين يعرفون بفئة (العلماء) ، وكانوا يمارسون دورا مهما ويتمتعون بنفوذ كبير على المستوى الشعبي بشكل خاص . وهم قسمان : قسم يعينوا من قبل الشاه وهم (شيخ الاسلام) ، وهو أعلى منصب ديني في الدولة القاجارية ، و إمام الجمعة في كل مدينة من المدن الايرانية ..
والصنف الثاني وهو الغالبية وهو الأخطر ، حيث كان مستقلا في ماليته عن الدولة ، وماليته آتية من (الأوقاف) ومعاملات البيع والشراء والزواج والطلاق والقضاء ( عدا المتعلق بالسرقة والقتل والتمرد ، حيث كانت تبت به دوائر الدولة) .. وكانت أحكام هؤلاء قطعية .. وكانت المساجد أمكنة لها حصانة لا يدخلها رجال الجيش والشرطة و أجهزة الدولة بشكل عام ..
كانت صلة رجال الدين بالتجار و الحرفيين الذين لم يكونوا كلهم مسلمون ، فقد كان من بينهم اليهود و المسيحيين والزرادشتيين .. ومع ذلك كل هؤلاء يدفع خمس ايراداته لرجال الدين ، مقابل وقوف رجال الدين معهم بالضغط على وقف الاستيراد و منع الإعفاءات التي كان يتمتع بها الحرفيون والتجار الأجانب.
الإهمال هو الصفة العامة في باقي القطاعات
اذا تركنا الحديث عن الفئات السابقة .. وانتقلنا الى الريف وباقي القطاعات فإننا سنجد الويلات في الريف الذي يفتقد لأبسط أمور الحياة ، إضافة لثقل طلبات الملاك والقصر في دفع المزيد من الأموال ..
كما أن قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات والري ، كانت هي الأخرى بأسوأ ما يكون بين بقية دول المنطقة والعالم ، في مثل ذاك الوقت ..
__________________
ابن حوران
|