عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 02-11-2005, 05:35 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مقولات ارتكازية في فلسفة التاريخ (رؤية عربية )


لقد ظهرت عدة اتجاهات في دراسة التاريخ العربي ، منها اتجاه ساد إبان السيطرة الاستعمارية .. ركز هذا الاتجاه على أفكار ومنطلقات غريبة عن الواقع العربي وطموحاته ، ليطمس تراث الأمة العربية و نضالها من أجل الحق والعدل والحياة الحرة الكريمة ، وإغفال حيويتها و أصالة حضارتها و مساهمتها في بناء صرح الحضارة الإنسانية . ومن الأفكار التي روج لها هذا الاتجاه : عدم صلاحية الوطن العربي للصناعة ، لأنه بطبيعته زراعيا .. كما أن هذا الاتجاه انطلق من رؤية استعمارية ، لهذا تجاهل الحركة الوطنية والقومية ، بل وتحامل عليها ..

كما برز اتجاه يركز على إبراز الدور البطولي الحماسي العربي ، دون الدخول بتفصيلات الهموم الشعبية والاقتصادية والاجتماعية ..

لم يضع فلاسفة التاريخ العربي الحديث ، نهايات مغلقة للتاريخ ، و إنما ديمومة متجددة وحية . وبهذا يتمكن من أن يغتني بالتفاعل مع التراث العالمي الفكري ، ومع اشراقات الماضي العربي ومعطياته في الحاضر الموضوعي ، دون أن يفقد خصوصيته واستقلاليته القومية الإنسانية ودون أن يخسر الواقع العربي ..

ان تعميق الاجتهادات ضمن المنطلقات العامة لتفسير تاريخنا والظواهر الأخرى ، يجب أن لا تغلق ، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يرتكز الى ضوابط مركزية . وتكون الحلقات المفتوحة ، هي لاستيعاب التطور الذي لا بد وأن يتناغم مع الماضي لأغراض تفسير جانب مهم من أحداثه و ظواهره .

لم يستطع المنهج الاسلامي السياسي في جوانبه المنغلقة ، ولا الماركسية ، أي لا المنهج المستنسخ عن القديم ولا المنهج المستنبت حديثا في غير بيئتنا العربية ، أن يكتبا التاريخ العربي ويقرأانه قراءة علمية و موضوعية ، لأن أصحاب المنهج الديني يسقطون من الحساب تفسير التاريخ للعوامل القومية والاجتماعية و الاقتصادية . ويعدون العامل الروحي هو كل شيء في صيرورة الأمم في نهوضها وفي انكفائها و انسحاقها ..

فيما يعتبر الماركسيون ـ برد فعل غير متوازن ـ أن صيرورة و تكون الأمم في صعودها و إخفاقها ، وتقدمها ، إنما يعتمد على التفسير المادي للتاريخ مع إسقاط الاعتبارات الروحية والمعنوية وفعلها في حياة الأمم ..

من الخطأ أن ينظر الى تاريخنا ، و كأنه فارغ أو مخجل قبل الاسلام ، كما أنه من الخطأ بالمقابل أن يحلل تاريخنا و كأنه صراع طبقي ، لأن في النظرتين اختلافا لا تقبل حقائق التاريخ ..

ان البطل في التاريخ هو ظاهرة اجتماعية ، وليس فردا منقطعا عن تلك الظاهرة .. كما أن ظاهرة بروز الأبطال في التاريخ ، ليست وقفا على زمن دون غيره ، وما تلك الصفحات الا مكان ..

فعندما يرتاد أحد ( مستشفى ) فمن الضروري والطبيعي أن يقابل و يصادف أطباء مختصين .. ومن يرتاد حقلا زراعيا سيصادف فلاحين .. ومن يرتاد صالة للعب القمار ، سيصادف مقامرين محترفين .. فالبيئة والمجال كمنحى ضروري أن يطفو على سطحه شيوخه .. وفي هذا الزمن الرديء ان من يطفو على السطح هم من يتقنون أصول اللعبة الرديئة ..

لكن عندما يفسح المجال (الخير) و تتظافر جهود الخيرين ليسود الأبطال ، فانه محتم جدا أن يراهم الجميع ، زائحين للغشاوة الثقيلة (الشريرة) التي تحول دون رؤيتهم .. ومهمة من يؤمن بذلك ، هي النضال من أجل تثبيت التقاليد التي تفسح المجال لظهور مثل هؤلاء الأبطال من بين ركام القهر والتعسف والفردية .


ان الله عز وجل عندما اختار العرب لحمل رسالة الاسلام لم يكن لسوئهم .. وانما لقدرتهم على أن يكونوا قادة للإنسانية جمعاء ليغيروا وجهها في تلك المرحلة .. وان نظرية العروبة الحديثة تنهل من روح الاسلام وتستمد من رسالته المعبرة عن الروح العربية . ومثل هذه النظرة لا بد أن تحتل خصوصية خاصة في فكرنا ونظرتنا للتاريخ وقراءة أحداثه ..

يتبع
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس