عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 04-11-2005, 04:42 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

قال: ( وإن تأمر عليكم عبد ) "وإن تأمر عليكم عبد" في قوله: "تأمر" معنى تغلب، ( وإن تأمر عليكم عبد ) يعني: غلب عبد على الإمارة، فدعا لمبياعته أو دعا لأن يسمع له ويطاع، فهنا يجب أن يسمع له ويطاع
فلهذا قال العلماء: الولايات الشرعية العامة تكون بإحدى طريقين:
الطريق الأول: طريق الاختيار: أن يختار الإمام العام، أو أن يختار الأمير، والاختيار، ولاية الاختيار لها شروطها إذا كانت لأهل الحل والعقد، فإنهم يختارون من اجتمعت فيه الشروط الشرعية التى جاءت في الأحاديث، ومنها: أن يكون الإمام قرشيا، ومنها أن يكون عالما، ومنها أن يكون يحسن سياسة الأمور، وأشباه ذلك مما اشترطه أهل العلم في ولاية الاختيار.

والقسم الثاني: ولاية التغلب: وهو أن يغلب الإمام، أن يغلب أحد أميرٌ أو غيره ممن لا تتوفر فيه الشروط، أو بعض الشروط، أو تكون تتوفر فيه لكنه غلب إماما آخر قبله فإنه هنا إذا غلبه فيبايع، ويسمع له، ويطاع؛ لأن البيعة هنا أصبحت بيعة تغلب، والولاية ولاية غلبة وسيف.

فهذا كما أوصى هنا -عليه الصلاة والسلام- أن يسمع ويطاع لمن لم تتوفر فيه الشروط التي تكون في ولاية الاختيار؛ حيث قال هنا -عليه الصلاة والسلام-: ( وإن تأمر ) ونفهم من التأمر أنه لم يكن ثم اختيار، فهذه ولاية التغلب، وقال: ( إن تأمر عليكم عبد ) ومعلوم أن العبد لا يختار بيدي أمور المسلمين.

فدل هذا على أن ولاية الغلبة يجب لمن غلب فتولى، يجب له السمع والطاعة، كما تجب للإمام الذى يختار اختيارا، لا فرق بينهما في حقوق البيعة والسمع والطاعة؛ وذلك لأجل المصلحة العامة من المسلمين.

وإذا نظرت فإن الاختيار وقع في تاريخ هذه الأمة على الخلفاء الراشدين الأربعة، وعلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ومن بعد معاوية من عهد يزيد إلى زماننا هذا، فالولايات ولايات تغلب؛ لأنها تكونت الدويلات، وهذا يعارض هذا إلى آخره، فكلها لم تنشأ كتواتر أو كتتابع لأصل الخلافة الراشدة، وإنما صارت ولاية تغلب.

وهذا هو الذى جاء في الحديث الصحيح أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ( تكون خلافة النبوة ثلاثين عاما ) أو قال: ( ثلاثون عاما خلافة النبوة ) ثم يكون ملكا عاضا وهكذا، يعني: أن الخلافة التي على منهاج النبوة تكون في هذه الأمة فقط لمدة ثلاثين عاما بعده -عليه الصلاة والسلام-، وهي التي انتهت بمقتل علي رضي الله عنه .

وولاية معاوية -كما هو معلوم- ولاية اختيار؛ لأن الحسن بن علي تنازل له عن الخلافة، فاجتمع عليه الناس، وسمي ذلك العام عام الجماعة؛ لاجتماعهم على معاوية رضي الله عنه وما بعده أصبحت ولاية تغلب.

وأهل السنة والجماعة أجمعوا لما صنفوا عقائدهم من القرن الثاني إلى زماننا هذا -على أن البيعة منعقدة لمن تغلب، ودعا الناس إلى إمامته، مع أن الذى يشترط للإمام غير متوفر فيه أو هو متوفر فيه، فالأمر سيان من جهة حقوقه، حقوق الطاعة والسمع والبيعة، وما يترتب على ذلك من الجهاد معه والتجميع عليه، وعدم التنفير عنه، وسائر الحقوق التي جاءت في الأئمة والأمراء.

قال هنا -عليه الصلاة والسلام-: ( وإن تأمر عليكم عبد ) فإن الفاء هذه تعليلية ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) يعني: سيرى اختلافا على الأمراء، فوصيته -عليه الصلاة والسلام- له أنه من عاش فرأى الاختلاف، فعليه بالسمع والطاعة وإن تأمر عليه عبد.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }