عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-11-2005, 08:02 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

هل يطلق على اليهود والنصارى صفة الكفر؟(2)
وقال تعالى عن اليهود:
﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ (88) وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (91)]
فهذه أربع آيات متوالية، أثبتت لهم الكفر سبع مرات، بالمصدر: "بكفرهم" وبالفعل ماضيا "كفروا" مرتين، وبالفعل المضارع "يكفرون، يكفروا" مرتين وباسم الفاعل "الكافرين" مرتين يضاف إلى ذلك استحقاقه لـ"لعن الله" مرتين، وإثبات غضبه عليهم، كما هو واضح.
وتتبع الآيات الصريحة المثبتة لكفرهم في القرآن الكريم لا يدع مجالا لمن يؤمن بكتاب الله أن يتردد أو يشك في كفرهم، لأن ذلك من الأمور المتواترة لفظا ومعنى لا يجوز مطلقا الشك أو التشكيك فيها مثل قوله تعالى:
﴿بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين﴾ [البقرة (90)]

وقال تعال عن النصارى:
﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) [المائدة: 78]
وقال: ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير﴾ [المائدة:(17)]
﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم﴾ [المائدة: 73]
وقال عن اليهود والنصارى جميعا:﴿وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾ [التوبة: 30]
وإذا أطلق في القرآن الكريم ﴿الذين كفروا من أهل الكتاب﴾ فالمقصود بهم الذين كفروا بالإسلام، ويشمل كذلك الذين كفروا بأنبيائهم السابقين، كاليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام، والنصارى الذين كفروا بموسى عليه السلام...
فإن الذي لا يؤمن برسول واحد من رسل الله، يعتبر كافرا حتى برسوله الذي يزعم انه آمن به، كما قال تعالى:
﴿إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا (150) أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا(151)﴾ [النساء:]

دعاوى غريبة يتفوه بها بعض ذراري المسلمين.
ومن عجب أن نجد بعض المنتسبين إلى الإسلام ممن يزعمون أنهم يؤمنون بالقرآن الكريم الذي بين غاية البيان، وأوضح غاية الإيضاح، أن اليهود والنصارى كفار، إضافة إلى أن اليهود والنصارى أنفسهم يصرحون بأنهم لا يؤمنون بالإسلام.
بل إن قادتهم يحاربون الإسلام في عقر داره، بكل ما يملكون من التضليل والكب والخداع، بل من وسائل الحرب التي نراها تنتشر في شعوبنا ظلما وعدوانا، تدعمهم في ذلك شعوبهم ماديا ومعنويا...
أقول: من عجب أن نجد من المنتسبين إلى الإسلام من يعتقد أن اليهود والنصارى مؤمنون إيمانا شرعيا كإيمان المسلمين، لأنهم أهل كتاب، مع أن القرآن الكريم وصفهم بالكفر...
والأعجب من ذلك أن نرى من يقحم نفسه في صفوف طلبة العلم، ويحاول بتكلف شديد أن يستنبط من القرآن الكريم، ما يستدل به على أن بعض أهل الكتاب الذين لم يدخلوا في الإسلام، ليسوا بكفار!
فمن غرائب استدلالا هؤلاء فهمهم لحرف الجر "مِن" الداخلة على أهل الكتاب في مثل قوله تعالى: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة(105)]
أنها للتبعيض، وبنوا على ذلك الفهم السقيم تقسيم أهل الكتاب قسمين: قسم كافر، وقسم غير كافر ولو كفر بالإسلام!
وهو فهم أعوج لوجهين:
الوجه الأول: أن "مِن" هنا ليست للتبعيض، كما بين ذلك علماء التفسير، بل هي للبيان، كما قال المفسر فخر الدين الرازي رحمه الله:
"المسألة الأولى "مِن الأولى للبيان" لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان أهل الكتاب والمشركون، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتـاب والمشركين﴾ البينة (1)، والثانية مزبده لاستغراق الخير، والثالثة لابتداء الغاية"[التفسير الكبير(3/204) وراجع تفسير أبي السعود (1/142) وتفسير الجلالين (1/22) وغيرها من كتب التفسير]
ولو سلمنا لهم هذا الفهم، لكان تركيب الآية هكذا: "إن الذين كفروا بعض أهل الكتاب والمشركين" وهو كما ترى يتنزه عنه كلام الله، لأن من الكافرين من ليس من أهل الكتاب، كمشركي قريش وغيرهم من عبدة الأصنام، بل ممن يخرج من الإسلام بعد الدخول فيه.
الوجه الثاني: اعتقادهم – بناء على فهمهم الأعوج لمعنى "مِن" – أن بعض أهل الكتاب ليسوا كفارا، ولو لم يدخلوا في الإسلام، وهو اعتقاد يخالف القرآن والسنة وجماهير علماء الأمة، بل وسائر من له أدنى علم بكتاب الله تعالى...
ونحن نقول بصرف النظر عن هذا الفهم الأعوج: نعم أهل الكتاب قسمان: قسم كافر بالإسلام كما مضى. وقسم مؤمن به وليس بكافر، وهم الذين دخلوا في الإسلام.
وكل من أثنى الله تعالى عليهم من أهل الكتاب بعد نزول القرآن، فهو ممن آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم واتبع دينه الذي جاء به من عند الله.
كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ (110) آل عمران
وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54)﴾ [القصص]
وقد دل على معنى الآية حديث أبي موسى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران...) الحديث [صحيح البخاري (3/1096) وصحيح مسلم (1/134) واللفظ له]
وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [آل عمران (199)]
ومنهم على سبيل المثال، عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم، والنجاشي ملك النصارى في الحبشة، أسلم على يد المهاجرين إلى بلاده من المسلمين وصلى عليه الرسول بعد موته صلاة الغائب، وغيرهما ممن اتبع دين الإسلام في أي عصر من العصور، ومنهم محمد أسد وكان يهوديا، ويوسف إسلام وكان من النصارى، وغيرهم كثير في غالب البلدان، وقد أجريت مقابلات مع عدد منهم تضمنها كتاب "حوارات مع مسلمين أوربيين"
ونقول أيضا: نعم كثير من اليهود والنصارى مؤمنون بدينهم المحرف المبدل، الذي لم يعد دينا مقبولا عند الله بعد مجيء الإسلام، وليسوا مؤمنين بدينهم الذي أنزله على أنبيائهم، وبخاصة موسى وعيسى عليهما السلام.
إذ التوراة التي جاء بها موسى، والإنجيل الذي جاء به عيسى، قد حرفا وبدلا ولم يعودا محفوظين يصح الرجوع إليهما والاكتفاء بهما، بعد نزول الرسالة الخاتمة والقرآن المهيمن على جميع الكتب.
ولا ينبغي أن يغضب اليهود والنصارى من إطلاقنا الكفر عليهم، لأنا نقصد أنهم كفار بدين الإسلام، وهم يعترفون بذلك، فلم الغضب من أمر هم يصرحون به، ولو كانوا يؤمنون بالإسلام، لكان لهم الحق في غضبهم هذا، ونحن نبرأ إلى الله أن نكفر من لم يكفره الله، ومن يصرح بنفسه أنه يكفر بهذا الدين.
كما أنهم يطلقون على المسلمين أنهم كفار، والأمر كذلك فيما يتعلق بدينهم الذي هم عليه اليوم، فإن المسلمين يعتقدون أنه دين محرف لا يجوز الإيمان به، بخلاف الدين الذي أنزله الله على موسى وعيسى قبل التحريف، فإن المسلمين يؤمنون به ويعتقدون أن من لم يؤمن به فهو كافر.
ولهذا قال الله تعالى عن المسلمين:
﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة (285)]