عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 16-11-2005, 08:06 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا
إن العدل الذي أوجبه الله تعالى علينا، يقتضي منا ألا نظلم أحدا من أهل الكتاب ولا غيرهم، ولذلك أختم هذا المبحث بالتنبيهات الآتية:
التنبيه الأول: أن من أهل الكتاب المؤمن بديننا ومنهم الكافر، وقد سبق ذكر ذلك.
التنبيه الثاني: بعض أهل الكتاب أشد عداوة لنا ولديننا من بعض، فاليهود في الجملة أشد عداوة لنا من النصارى في الجملة، والنصارى درجات في عداوتنا، وأشدهم عداوة لنا في هذا العصر الطوائف المتحالفة مع اليهود، كما هو شأن البروتستانت المتصهينين وبخاصة في أمريكا.
التنبيه الثالث: كثير من الشعوب النصرانية في الغرب، عداوتهم لنا ولديننا ناشئة من تضليل متعمد من قادة المراكز السياسية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية والبحثية والعسكرية، في تلك البلدان.
التنبيه الرابع: أنه يوجد في البلدان الغربية عدد من الباحثين والمتخصصين في مجالات متنوعة: سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية، يتحلون بالإنصاف ويعترفون بظلم أبناء دينهم للمسلمين وعدوانهم عليهم وعلى دينهم، ولكن هؤلاء الأفراد نادرون مغمورون، تتجاهلهم وسائل الإعلام والمؤسسات الغربية التي تُعنَى بإبراز الأكفاء والشخصيات ..
وقد أمرنا الله تعالى أن نفرق في معاشرتنا لأمثال هذا الصنف الذين لم يقاتلونا في ديننا، ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يظاهروا علينا من يقاتلنا ويعتدي علينا، فقال تعالى عن الفريقين:
﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)﴾ [الممتحنة]
التنبيه الخامس: الاعتراف بأن ما يصيبنا ويحل بنا من كيد أعدائنا وحربهم لديننا وعدوانهم علينا، إنما هو ناشئ من عند أنفسنا ومن تقصيرنا في المجالين الآتيين:
المجال الأول: بعدنا عن فقه ديننا وضعف إيماننا، وقلة عملنا بما أمرنا الله تعالى به، وارتكابنا لكثير مما نهانا الله تعالى عنه.
المجال الثاني: عدم قيامنا بالبلاغ المبين الذي أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمر به أمته من بعده، والبلاغ المبين شامل لإيصال كل ما هو حق إلى الناس، من العلم الشرعي والإيمان والعمل الصالح، والدعوة إلى الدخول في الإسلام.
وهو شامل كذلك لبيان ما في الإسلام من عدل وبر وإحسان، وما فيه من الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات، وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله تعالى، وأنه يدعو إلى استغلال خيرات السماء والأرض فيما يعود على البشرية كلها بالخير، وما فيه من النهي عن الظلم والعدوان.
وهو شامل كذلك لبيان الظلم الواقع علينا من اليهود وأعوانهم من قادة النصارى، باغتصاب أوطاننا، وإزهاق أرواحنا، ونهب خيراتنا، لأن غالب الشعوب الغربية إنما تؤيد اليهود وزعماء دولها، لعدم علمها بالتصرفات الظالمة منهم علينا، بسبب التضليل الإعلامي الذي يقلب الحقائق عليه.
ولو اتخذ المسلمون وسائل الإعلام، وبخاصة الفضائيات التي يُشرح فيها للغربيين الواقع الذي يعانيه المسلمون من اليهود وزعماء الغرب، بثلاث لغاتغربية على الأقل، هما الإنجليزية والفرنسية، لتغيرت أحوال الشعوب الغربية من التأييد للظلم إلى الوقوف ضده، ولكن تقصيرنا وعدم قيامنا بالبلاغ المبين الشامل للناس، هو الذي جعل الأمم تتداعى علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها:
﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران(165)]
والذي يتأمل القرآن الكريم يجد بيانه شاملا لأمهات أبواب الإيمان، وأمهات أبواب العبادات، وأمهات أبواب المعاملات، وأمهات أبواب السلوك والأخلاق، وأمهات أبواب الأسرة والمجتمع، وأمهات أبواب الولايات، وأمهات أبواب المعاصي والعقوبات، وأمهات أبواب علاقات المسلمين بغيرهم....
ويجده كذلك يبين للمسلمين أعداءهم وكيدهم وما يجب عليهم أن يتخذوه للدفاع عن ضرورات حياتهم، ولم يقتصر بيان القرآن وبيان السنة والسيرة النبوية، وما سار عليه أهل العصور المفضلة من المسلمين، على أبواب معينة كما يظن ذلك كثير من المسلمين، بل بين لهم كل شأن من شئون حياتهم، فهو منهج لحياة الأمة، لا يجوز لها اتباع أي منهج يخالفه.
وفي خطبة جعفر بن أبي طالب التي ألقاها بين يدي النجاشي ملك الحبشة، في الرد على سفيري قريش، عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد، اللذين أغريا النجاشي بالمسلمين، وطلبا منه ردهم إلى قريش، في تلك الخطبة وما ترتب عليها عبرة للمسلمين في قيامهم ببيان الحق والدعوة إليه وبيان الباطل لغيرهم والتحذير منه.
كما روى ذلك ابن مسعود رضي الله عنه، قال: بعثنا رسول الله إلى النجاشي... وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله، ثم قالا له: إن نفرا من بني عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملتنا، قال فأين هم؟
قالا في أرضك فابعث إليهم فبعث إليهم.
فقال جعفر أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه فسلم ولم يسجد، فقالوا له: مالك لا تسجد للملك؟ قال إنا لا نسجد إلا لله عز وجل.
قال وما ذاك؟ قال: إن الله بعث إلينا رسولا ثم أمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل....
قال عمرو فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم.
قال فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه؟
قال نقول كما قال الله هو كلمته وروحه ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر ولم يفرضها ولد.
قال فرفع عودا من الأرض، ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي نجد في الإنجيل وأنه الرسول الذي بشر به عيسى بن مريم.
انزلوا حيث شئتم والله لولا ما أنا فيه من الملك، لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه" [البداية والنهاية (3/69)]
وما لم نسلك المسلك الذي بينه لنا كتاب الله وسنة رسوله ومسلك أصحابه ومن تبعهم، فسنبقى مقهورين لأعدائنا.
﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام (153)]
﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف (108)]


كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية