شروط تكوين الحزب :
بداية تختلف الأحزاب من حيث تكوينها و تواصل أداءها ، فهناك الأحزاب التكاملية التي ترى في حل مشاكل الوطن و المجتمع طريقا لحل مشاكل الفرد ، وهي لها أيديولوجيات تدور حول محور ثابت من الأهداف ، و لها طقوسها التنظيمية وفق نظرية تنظيمية تحتكم لديها في إدارة الحزب .
وهناك الأحزاب التمثيلية التي ترى أن حل مشاكل المجتمع يمر من خلال حل مشاكل الفرد ( الرؤية الليبرالية ) .. وهي ليست لها منظومة أيديولوجية ، بل رؤية عائمة تتوافق مع مصالح النظام السياسي العام ، كأحزاب أمريكا و أوروبا واليابان .. كما أن ليس لها طقوس تنظيمية ، كالاجتماعات الدورية و غيرها .
وقد سقط هذا النموذج في البلاد العربية سقوطا ذريعا ، رغم أنه لا يزال تنتج منه المنطقة كل عام عشرات الأحزاب ، التي سرعان ما تتلاشى و تختفي ولا يستطيع المراقب الاحتفاظ بأسمائها لفترة طويلة .. لذا سنركز على الصنف التكاملي في حديثنا ..
في الأحزاب التكاملية يشترط لتكوين الحزب ، خمسة عناصر مهمة هي : الأيديولوجية والطليعة و الجماهير و الانضباط (النظرية التنظيمية ) والاحتراف السياسي ..
ونحن إذ سنقوم بمناقشة هذه العناصر ، لا نفعل ذلك على هدي أولئك الذين يخرجون أو يخرجون من أحزابهم ( بفتح الياء و ضمها بالكلمتين) .. ولا نقوم به على هدي الذين يبشرون لحزبهم ممجدين بكل ما يقوم به حتى لو كان خطأ ، بل نقوم بذلك إيمانا بأن الأحزاب هي أدوات جماهيرية ، من حق الجماهير على من يصيغ خطاب تلك الأحزاب أن يبين وصفها الدقيق دون شطح بالشتم أو التمجيد الأجوف ..
لقد تساوت أحزابنا مع أحزاب الغرب ، بمسألة التكتم الشديد الذي يلف كياناتها بحيث أنه حتى الدارسون المتقدمون ، لا يستطيعون معرفة حقائقها الدقيقة .. فيأخذوا معلوماتهم إما من حانقين خارجين على أحزابهم ، وإما من ناطقين بيروقراطيين يقدموا للسائل ما يريد أن يفرج عنه قادة الحزب من معلومات ..
نحن إذ نزكي الأحزاب أن تكون عمودا للبيت أو من أعمدته ، فلن نعطيها حقها ، بل قد تكون بمثابة الأوردة والشرايين بالجسم ، أو المنظومة العصبية الرئيسية بالجسم .. وعلى القلب أو الدماغ أن لا يفخر ، اذا رأى بقعة محترقة في الجلد ، فمهما بلغت أعداد خلاياه في حالة الجسم البشري ، ومهما بلغت أعداد شعر الجلد في جسم الثور ( أجلكم الله) ، فان بقعة عارية من الشعر ستعيب الجسم ..
وهذا ما سنحاول تبيان أخطاءه ، دون الإشارة لنموذج ، لا للعجز عن ذكر نماذج ، بل لنقدم شيئا محايد ، قد يصلح الاستفادة منه في عدة أقطار عربية ، ولا أزعم شمولية التأثير بقدر ما أسهم مساهمة متواضعة في البوح متألما على واقعنا ، حتى لو كان هذا البوح قد يرمى في درج مكتب أو يتم الإطلاع عليه للحظات و ينسى ، فيبقى رياضيا حتى لو كان جزء من مليون فهو أفضل من الصفر في جميع الأحوال ..
__________________
ابن حوران
|