عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 29-11-2005, 03:09 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

خذني معك يا ابن أخي فقد أساعدك :

أبو شوفة رجل أمي .. لم يقرأ شيئا في حياته .. لكن كان في نفسه موطنا للحكمة ، تكونت لديه من سنين عمره الطويلة ، أخذها بالاستماع من هنا وهناك حتى أصبحت عنده عادة .. يتصرف بها مع لمسة متهكمة ..

كان له ابن أخ معروف بوجاهته وعلاقاته ، وقدرته على حل مشاكل من يقصده. لقد جاءه أحد الذين يطلبون العون منه واسمه عبد الله ، اذ أنه قد تعرض لظلم من رجل في منطقة أخرى ، تبعد عنهم بسفر يوم . والمشكلة أن ذلك الرجل معروف بمنطقته على أنه رجل يخاف الله ، وكان يختار طقوسا لنفسه ، تجعل من يراه يخرج بانطباع عنه ، بأنه رجل فاضل ..
لقد كتب هذا الرجل المدعي الفضيلة على عبد الله ، مبلغا لم يستلمه عبد الله فعلا ، ولكن كتب عليه بحذلقة متقنة .. ولما كان ابن أخ أبو شوفة يلمس الصدق بكلام عبد الله ، وكذلك كان إحساس أبو شوفة تجاه المستغيث .. فقد طلب الوجيه من عبد الله أن يأتي في اليوم التالي ، ليذهبا في معالجة تلك المسألة ..

عندما جاء اليوم التالي ، جاء عبد الله لمرافقة الوجيه .. فطلب أبو شوفة من ابن أخيه ، أن يرافقهما ، فقد يقدم خدمة ما .. وافق ابن أخيه على طلبه بعد تريث قليل ، فقد كان يدرك مهارات عمه ، فقال قد تكون بمرافقته بعض الفائدة.

وصلوا قرية من يطلبوا .. فاحتفى بهم ، وقدم إليهم واجب الضيافة ، ثم تحدثوا بمسألة عبد الله ، وكان الرجل لديه قدرة عجيبة على إثبات حقه المزعوم بالوثيقة .. وكان يمسح على لحيته بعد كل نقطة يذكرها ، ويحرك خرز سبحته بطريقة كمن يضبط إيقاع الكلام .. و الوجيه و عبد الله يستمعان دون أن يجدا سبيلا لتفنيد ادعاء ذلك الرجل .. و أبو شوفة لا يزال صامتا ، لا يتدخل ، لكنه يحدق مليا بالرجل و هيئته ، عله يجد منفذا لداخله ..

جاء الليل و لم يتم إنجاز المهمة التي ذهبوا من أجلها .. عرض عليهم المضيف أن يبيتوا ليلتهم في ضيافته ، فبادر أبو شوفة بالقبول السريع .. وعند توزيع الغرف للمبيت ، طلب أبو شوفة أن يبيت هو والرجل في غرفة واحدة ..

قبل أن يخلدا للنوم .. قال أبو شوفة للرجل .. إنك رجل من أهل الدين ، فدعني أستفيد من بحر علمك يا شيخ .. فقال له الرجل : تفضل يا ضيفنا ..
أبو شوفة : هل تعلم ماذا يقصد بالآية ( اذ قال الذين سلفوا للذين أسلفوا لو سددتم ما سلفناكم ، لسلفناكم ولكن ذوقوا عذاب الفلس بما كنتم تفعلون ) ؟
الشيخ : أظن أنها بسورة الحجر ..
أبو شوفة : لا انها ليست بالحجر ..
الشيخ : أوه .. لقد تذكرت .. انها بسورة الروم ..
أبو شوفة : كلا انها ليست بالروم
و ما زال الشيخ يبدل اسم سورة بأخرى ، حتى أدرك أبو شوفة ، أن هذا الرجل محتالا .. وكاذبا .. فاستل خنجره ونام فوق صدر الشيخ و نادى على ابن أخيه ، فقال أكتب باسم هذا الفاجر تنازلا منه لعبد الله عن حقه المزعوم .. فهذا لا يميز بين كلام الله و كلام البشر .. فوقع الشيخ المزعوم على تنازله ..

وهنا نهض الثلاثة ، أبو شوفة وابن أخيه و عبد الله .. و ألغوا مبيتهم في ضيافة خصمهم !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس