ثانيا : التنظيم
لم يتفق علماء الاجتماع السياسي ، على اعتبار أهمية التنظيم بالنسبة للحزب ، فقسم رهن عمل الحزب بوجود تنظيم قوي ، مشبهين دور التنظيم بدور الإسمنت في مواد البناء ، يربط أجزاء البناء و يجعلها متماسكة ، في حين يكون الناس أو أفراد الجماعات دون تنظيم ، كالحصى المتناثر في بقاع واسعة ، حتى لو تشابه بشكله و حجمه ، فان ليس باستطاعته تشكيل طوبة واحدة دون أن يتم تجميعه ( بتنظيم ) .. وأصحاب هؤلاء الرأي هم الذين يصنفوا تحت باب الأحزاب التكاملية التي تؤمن بحل مشاكل المجتمع ككل ، لتحل بعدها مشاكل الأفراد تلقائيا ..
أما القسم الثاني ، فانه لا يعطي للتنظيم أي أهمية أولوية ، بل يترك للجاهزية النابعة من حضور مصلحة الفرد وحضور مصلحة الجماعة باستمرار ، فوفق حركة السياسة اليومية ، وما تترك من آثار على الجماعة التي ينتمي لها الفرد تكون محفزا مستفزا لردة فعل متوازنة من قبل قيادات الحزب الذين يمثلون المجموعة ويفوضوا من قبلها تفويضا يشبه تفويض مجلس إدارة لشركة من قبل المساهمين بها ..
بنية الحزب وعلاقتها بالتنظيم :
نادرا ما يؤثر الخطاب الأيديولوجي بتفاصيله الدقيقة هو ما يجعل الأفراد ينخرطوا في صفوفه طوعا .. بل هناك عوامل أخرى :
1 ـ في بعض الأنماط الليبرالية يولد الطفل ومعه بطاقة الإنتماء الحزبي ، كما في أحزاب أمريكا التي تتناوب الحكم ..
2 ـ في بعض الأنماط التي تنتشر في بعض بلدان العالم الثالث ، يكون زعماء القبائل أعضاء قياديين مفصليين في مناطقهم وقبائلهم ، كما هي الحال في الحزب الإشتراكي في ساحل العاج الذي حكم البلاد عدة عقود ..
3 ـ في بعض البلدان يكون الحزب أشبه بالكونفدرالية ، كالحزب الديمقراطي المسيحي في إيطاليا ، اذ يتكون من عدة ( زمر) تصل أحيانا فوق العشرة ، يكون لكل زمرة استراتيجيتها الإنتخابية ، ومؤتمرات خاصة بها ، كأنها بقطر ثاني ..
4 ـ في بعض البلدان تتداخل بنية الحزب مع بنية تنظيمات أخرى قد تتوافق مع بنية الحزب أو تتعارض ، كما يحدث في حزب العمال البريطاني ، فعندما يذكر الحزب في عينة من الوقت أن أعضاؤه 7 ملايين ، وهم بالحقيقة مليون واحد والباقين هم أعضاء النقابات العمالية ، والأخير لا يتوانى في الإضراب لإسقاط الحكومة العمالية عندما تتعرض مصالح العمال كعمال لخطر ..
5 ـ في بلادنا العربية ، تزحف جموع الأعضاء للإنتساب لحزب الحاكم ، أي حاكم ، فتكون عضويتها مهتزة رجراجة ، في كثير من الأحيان ..وتتكدس معظم قيادات الأحزاب الفكرية القوية و التنظيمية المتمكنة ، في العواصم ، وتترك الأطراف مع معاناة ليست قليلة ..
__________________
ابن حوران
|