عرض مشاركة مفردة
  #60  
قديم 03-12-2005, 05:56 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الانضباط أهم ركائز العمل العام :

اذا كان الجذر ضبط ، يفيد بمعنى حكم المعايير للحركة عند الجمادات ، كمن يضبط حركة ساعة أو محرك سيارة أو دوزان آلة موسيقية ، فان الانضباط يعني التطوع في تنفيذ المهام ، وان كان هناك من يأمر بالالتزام ، فان الاستجابة لأوامره يجب أن تكون مخلوطة مع رغبته في الالتزام ، وتكون نسبة الخلط لصالح تلك الرغبة ، لا لصالح اللوائح الداخلية التي تكافئ أو تعاقب ..

فعندما يلتزم أحد العازفين في فرقة سيمفونية بإشارات قائد الفرقة ، فانه وبعد أن أجرى عملية الضبط ( الدوزان ) لآلته .. سيكون مسرورا في هذا الانضباط ، كما أنه يرغب في أن يلتزم جميع أعضاء الفرقة بتلك الإشارات ، فانه لو اختل دور عازف ، لاختل الأداء بالكامل للفرقة ، بما فيهم المنضبطين ، وبالتالي فان تقييم العمل العام للفرقة الموسيقية ، سيكون رديئا ، ولن يعود بأي مكافئة معنوية لأي عضو بتلك الفرقة ، لا من حيث الإعجاب أو التوقير أو التبجيل ..

ان كان هناك أعضاء بالفرقة يتمنون أن يخطئ زملائهم في العمل ، لكي يظهر أدائهم أمام الآخرين أنه متميز ، فهم مخطئون . وهذه خاصية طبيعية نجدها عند ممالك النمل و النحل ، فالأداء العام المتقن يحقق الفوائد المعنوية والمادية للجميع .. وان ثقب بسيط في ( بئر لجمع المياه) سيفقد البئر ماؤه .. وان ثقب بسيط في سفينة سيجعل الماء يغرقها ..

ان الإنضباطية بإرادة طائعة ، هي المنشودة في العمل العام ، أما الإنضباطية بالإلزام ، وان كانت في بعض الأحيان تقتضيها ظروف أمنية معينة ، تستوجب التكتم عن شرح فقهها . لكن المبالغة في اعتماد قاعدة ( نفذ ثم ناقش) ، تجعل همم المنفذين تتراجع بعض الشيء .

ان الانضباط لا يعني فقط الالتزام بأوامر الحزب بل يعني أيضا :

1 ـ الالتزام بأخلاقيات المجتمع الذي يعيش به الحزبي ، وعدم التمرد على عناصر القاعدة الخلقية السائدة .

2 ـ عدم إظهار و إرجاع عمل الحزب ، للحزب وحده ، فهذا يجرح مشاعر من يؤيده ، ولكنه لا ينخرط بصفوفه .

3 ـ عدم الثرثرة بأمور الحزب ، بين الناس ، فالحزبي بين الناس هو مواطن ، وحزبيته في حزبه .. ولن يكون الإنسان حزبي جيد أو سياسي جيد ، ما لم يكن مواطن جيد .. فالشرايين في الجسم لا يمكن رؤيتها من فوق الجلد !!

4ـ ضبط إيقاع حياة الحزبي مع شعاراته ، من أهم عناصر الانضباط .. فشعار (الحزبي أول من يضحي وآخر من يستفيد ) تحتاج طهارة و إثبات لمن يستمع لمثل تلك الشعارات ..

5 ـ ضبط حالة المحاباة و الشللية و الاتصالات الجانبية ، وهذه الصفات تظهر بانسداد القنوات الطبيعية للتعبير ، ليلوذ من لا يسمح له التعبير ، بأحد تلك الأساليب و القنوات الضارة ..

هناك وجه شبه بين التنظيم الحزبي ( في نموذج الحزب التكاملي) مع التنظيمات العسكرية ..

عندما أطلق نابليون بونابرت قوله الشهير ( أعطني خمسة لأسيطر بهم على العالم ) والتقف بعض خبراء التنظيمات هذا القول ، ليبقى أثره ماثلا حتى اليوم ، حيث أن أي قيادة فيلق أو فرقة أو لواء أو كتيبة الخ .. تكون خمسة أو حول هذا الرقم ..

وعندما أراد الحزبيون في أواخر القرن التاسع عشر أن يسقطوا هذه المقولة على التنظيمات الحزبية ، أفلحوا في تشكيل القيادات المركزية وأعداد مسئولي اللجان المشرفة بأسمائها المختلفة من حزب الى حزب .. وعندما تقتضي الأمور أن تكون هناك قيادة واسعة تصل احيانا الى عشرين أو مائة ، فإنهم ينحتون وظيفة لهيئة جديدة ، كالمكتب السياسي أو أمانة سر للقيادة الواسعة نفسها ويبقى هذا العدد المستحدث يقارب الخمسة !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس