عرض مشاركة مفردة
  #61  
قديم 04-12-2005, 06:48 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الاحتراف السياسي هو ما يعطي الحزب هيبته

اذا ما ركزنا في الشرطين الأوليين ، على موضوع الحوافز ، فاننا سنتناول موضوعا هو أقرب لفكرة الانتاجية والفاعلية ، التي عناها ( ماكس فيبر ) .. لكننا هنا ، سنتكلم بالذات عن موضوع الاحتراف السياسي ، كشرط ، يزيد أو ينقص من الفاعلية السياسية أو إنتاج تلك الفاعلية كعرض ثانوي ، له تأثيره على سمعة الحزب و ديمومة تلك الفاعلية ..

فالحزب أي حزب ، كما غمز بهذا الجانب (موريس ديفرجه) عندما قال : ( اذا أردت إنشاء حزب ما عليك الا أن تجد مقرا ، وأمين سر و ختم .. و أحيانا قد تكتفي بالختم !) .. فهو هنا يغمز بجانب سهولة إنشاء الأحزاب ، وهي ماثلة اليوم في أكثر من قطر عربي ، عندما يستقوي هؤلاء بالأجنبي !

فإذا كانت فاعلية الحزب أي حزب هي حصيلة فاعلية أعضاءه ، و اذا كان فعل كل عضو من أعضاء الحزب به سمة الاحتراف ، فان السمة العامة لفاعلية الحزب سيطغى عليها طابع الاحتراف .. و اذا كان العكس فان العكس هو لنتيجة ..

لكن ما هو الاحتراف السياسي ؟ .. نحن نعلم أن هناك احتراف بكرة القدم ، بالقتل ، بالطب .. أما في السياسة ، فكيف يكون ذلك ؟

تماما كما هي في كرة القدم .. فاذا تحول أعضاء الحزب كجمهور لقيادته المحترفة ، فان ذلك لا يجلب للحزب كثيرا من الانتصارات ، بل اذا أخفق فان هذا الجمهور سينقلب عليه ، كما ينقلب جمهور فريق كرة القدم على الفريق الذي يشجعه بحالة الخسارة .. ولكن لنتصور أن عشرات الألوف التي تجلس على المدرجات ، تتقن اللعب بدرجة تقترب من اللاعبين الأساسيين في الملعب ، فان التشجيع يكون له شكل مختلف ، اذ يتحول كل متفرج من الجمهور الى لاعب احتياط .. بالإضافة الى أنه في حالات إخفاق الفريق بإحراز نتيجة ، سيتفهم هذا الجمهور هذا الإخفاق ، وسيعالج أسبابه على وجه السرعة في حالة أن يكون الجمهور محترف ..

ان قدرات العمل السياسي ، تختلف عن قدرات العمل الحزبي ، فاذا كانت الأخيرة تجري في كواليس الحزب و غرفه المحكمة ، فان الأولى تستوجب العمل بأجواء مختلفة ، والمحاورون بتلك الحالة مختلفون .. وكما للعب كرة القدم قوانين تنظمه ، فان للعمل السياسي قوانين تحكمه ..

لم يعد المحاور من نفس الطينة ، ولم يعد الفقه السياسي من نفس اللون ، في حالة العمل السياسي ، يستوجب التعامل مع حزب حليف ، أو خصم ، أو حزب يختلف مع حزب العضو على بعض النقاط .. و قد يكون العمل مع دولة (في حالة المعارضة للحزب ) ، تتربص تلك الدولة باقتناص أي خطأ يقع به الحزبي لتجد تلك الدولة طريقة للتضييق على الأحزاب .

الجلوس في الدواوين :

ينظر أبناء الريف و عوام الناس الى أعضاء الأحزاب ، نظرة مليئة بالمشاعر المختلطة التي تحتاج عزل ما هو ضار منها .. وهذا يحتاج لين جانب ، وتوضيح لمنطوق ما تقوله الأحزاب ، وهذا أبسط درس بالاحتراف السياسي ، فأكثر ما يزعج أبناء الأرياف ، أن يكون جليسهم يتعامل عليهم بدور الأستاذ ، حتى لو خاطبوه هم بذلك !

فان صدف أن كان الذين يبشرون بفكر حزب عند عامة الشعب ، أكثر من واحد ، فان جلسوا بديوان ، أن يحذروا الجلوس بجنب بعض ، و اذا تكلم مسن بحضورهم ، فليكونوا مصغيين له إصغاء كامل ، حتى لو كانت لغته ركيكة وما يطرح من أفكار ليس بذي بال .. و أن يحذروا أن يتهامسوا أثناء حديثه ( اذا ما جلسوا بجانب بعضهم البعض) .. أو يبتسم أحدهم أثناء الكلام لذلك الشيخ ، و تكون الابتسامة بالنظر لبعضهم البعض .. فقد يكون هناك بالديوان من أبناءه أو أحفاده أو مريديه .. وان ذلك سيؤذي مشاعرهم ، ويجعلهم يدخروا تلك المواقف لتحويلها لموقف مضاد تجاه حزب المبشرين الفاشلين ..

كسب المؤيدين باستمرار :

اذا كان الحزب ، حسب التعريف السابق ، مجموعة مصطنعة دعائية دائمة تسعى لاستلام السلطة ، فان أصول الاحتراف السياسي تستدعي الاقتراب من الأذرع الإدارية كالنقابات و الجمعيات و غيرها لجعلها تتبنى برامج الحزب وتنفيذ تطلعاته ، وهذا بالتالي يجعل من احتراف العمل الإداري بمختلف وجوهه شرطا أوليا لاحتراف العمل السياسي ، لأن صقل المهارات اللازمة في هذا الشأن سيخدم فكرة تطوير برامج الأحزاب ، ويحسن لغة و إمكانيات أعضاء الأحزاب .

توظيف الأصدقاء في خدمة أهداف الحزب :

لغياب الأعداء المباشرين عن متناول يد العضو الحزبي ، فان نشاطه سينكب على اختيار أعداء متوفرين حوله ، فيعتمد مناكفة الفرقاء من الأحزاب الأخرى رغم التقائها مع حزب المعني بكثير من الأمور التي ممكن توظيفها في خدمة برامج تلك الأحزاب التي يفترض أن تتحالف ، أو على الأقل ألا تتعادى في مسائل مجانية ..

وعلى القيادات المفصلية في المناطق والمركز ، أن تعتمد برنامجا تربويا مكثفا ، لحث عناصرها على عدم فتح جبهات ، لا يفترض فتحها ، مع أحزاب أو هيئات قد تصلح أن تكون متحالفة مع حزب المعني ..

وان عناصر الأمن في معظم البلدان العربية تستغل ذلك استغلالا جيدا ، لعمل هوة بين الأحزاب لتتمكن من الانفراد بحزب بعد الآخر ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس