عرض مشاركة مفردة
  #62  
قديم 07-12-2005, 03:57 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الأعمدة :

الأسرة الحاكمة هل تصلح أن تكون عمودا ؟


(1)

عندما نقلب صفحات كتب التاريخ ، نتعرف على عائلات حكمت في مختلف أنحاء الأرض ، من الفراعنة والسومريين ومرورا بالأمويين والعباسيين و العثمانيين ، وانتهاء بالأسر الحاكمة في العالم بالوقت الحاضر و من بينها جزء من الدول العربية ..

كانت الأسر في السابق تصل الى الحكم من خلال إقصاء من سبقها بالحكم بواسطة القوة ، أو كانت تقوم بطرد المحتل و تحل محله برضا المحاربين الذين تعاونوا معها في ذلك .. وكانت ديمومة حكم أي أسرة تعتمد على قدرتها في الذود عن حمى الوطن ونشر السلام بين المواطنين وتأمين الحياة الكريمة لهم .. وتنتهي بانتهاء تلك الخصائص عنها ..

وكانت كل أسرة تبحث لها عن كاريزمية خاصة بها ، وتوظف رجال الدين في الحث على طاعة تلك الأسر ، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين أو بوذيين ، ومن قبلهم الكثير من الدول وكذلك في العصر الراهن ..

وكانت القوى الاجتماعية ، قبائل أو فرسان أو ملاك ، يأخذون حقوقهم من تلك الأسر ويكونوا بمثابة شركاء مستترين لها ، ولهم أسهم من عوائد الدولة ونصيب وان لم يتساوى مع نصيب الأسر الحاكمة لكنه يبقي هؤلاء الحلفاء أو الأعوان المطيعين على طاعتهم طالما شعروا بالرضا ، واعترفوا ضمنا بعدم قدرتهم للوصول الى حال أفضل مما هم فيه .

ومع تطور الفكر السياسي الذي رافق الثورة الصناعية في أوروبا ، تطورت أدوار تلك الأسر الحاكمة ، بعد أن اختفى منها العديد ، كما حدث في بروسيا وفرنسا وألمانيا وروسيا ، وامتد هذا التغيير لقضم مستعمرات كثيرة في العالم وتقليص نفوذ دول مستعمرة .. فأبقت دول على حكم تلك الأسر كوجه رمزي كما حصل في بلجيكا وبريطانيا وبعض الدول الاسكندنافية .

أما في بلادنا العربية ، فان الأسر الحاكمة وان جاء بعضها بمساق شبيه لما حدث في التاريخ ، الا ان البعض الآخر ، جاء كإرادة تزامنت مع ترتيب منطقتنا بعد أن خرجت من دائرة الحكم العثماني المنهك ، فكانت تتناغم في معظم الأحيان مع الشكل الذي وضعت عليه اتفاقية (سايكس بيكو ) .

وان كان الشكل الملكي في أوروبا قد اتخذ صورة رمزية ، ليتماشى مع تقاليد تناقل السلطات في أوروبا ، فان شكل حكم الأسر في المنطقة العربية ، قد اتخذ احتياطات كافية لمنع تداول السلطة وتناقلها بنفس أسلوب الغرب ، وان كان هناك أشكال ديكورية تنتشر هنا وهناك ، لكن بفاعلية محدودة ، تتفق بالنهاية مع ما تتطلع اليه الأسر الحاكمة من رؤى ..

لقد تصلب الوضع الاجتماعي ، أو خريطة القوى المؤثرة سكانيا ، من خلال نحت شرعية تلك الأنماط من الحكم ، فضمنت قوى اجتماعية نصيبها من توزيع الأدوار و تأمين مصالحها فاستبسلت بالدفاع عن مثل تلك الأنظمة ، لأنها تدافع عن مصالحها بالحقيقة ، وكانت تمنعها في اتخاذ بعض التنازلات تجاه مصلحة الحريات العامة ، لأن ذلك سيكشف مدى الفساد التي تسببه تلك القوى المحيطة بالأسر الحاكمة .. فكانت الأسر تستجيب لإيماءات تلك القوى ، لضمان تحقيق المصالح المشتركة لها ولمن يحيط بها .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس