الموضوع: هذا الذي يحدث
عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 11-12-2005, 09:57 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث ... 8

هذا الذي يحدث ...
8
مرض أملي الوحيد، وقرر الأطباء أنه مرض عضال .. فسافرنا لعلاجه خارج البلاد.. وزادت معاناته وإشتدت أكثر مما كانت عليه. كان دائما يساعده في كل رحلة ويقدم له مظروفا مغلقا به مبلغا من المال أو توصية لأحد أصدقائه إكتشفت بعدها أنها توصيات للمساعدة إذا ما إحتاج لمصاريف تفوق ما عنده من مال ، فالمسألة ليست بسيطة وهذا إبن شقيقه ولا بد أن يقف بجانبه في هذه المحنة.. وهو الذي لا مثيل لشهامته ومروءته ..بعد زمن قال الأطباء إن صحة الطفل صارت جيدة ولن يحتاج إلا للرعاية والمحافظة حيث أن مناعته الطبيعية ضعيفة جدا..وكانت الفرحة ... لكن لم تدم طويلا حيث إنتكس الوليد مرة أخرى بعد أشهر .. فعدنا إلى ما كنا عليه ، كان الوحيد الذي غضب غضبا شديدا وصرح بأننا لا نستحق الأبوة والأمومة.. ولولا أنها قدرة الله... لقلت كلاما قد يخرجني عن الملة... عدنا للمعاناة والعلاج من جديد... ولم يدم العلاج طويلا حتى شفي الطفل ، لكن مات أبوه...

كان الفصل شتاءا والبرد قارسا . وليس لدي سيطرة عليه خاصة بعد غياب أبوه إلى الأبد وغرسي كراهية شديدة في نفسه لعمه، حيث لم يكن له أي تقدير أو إحترام ، بل كان يتعامل معه وكأنه لا يعرفه.. وهذا ما كنت أبثه في نفوس كل أفراد أسرتي...
كان كثيرا ما يخرج للعب مع أقرانه في الشارع ، وكان هو يمتعض عند زيارته لنا في نهاية كل أسبوع لما يجده خارج البيت.. كان يمتعض كثيرا وتبدو على وجهه واضحة علامات الإستياء والإمتعاض. لكنه كان لا يتكلم إلا بنصيحة أو ترشيد ومشاعر يحسها المتلقي جياشة ، لكني لم أكن أثق به..

ليتني لم أخسره. فلقد ناصبته العداء من أول لحظة .. وجاراني رغم ذلك ولم يحاول أن يجعلني ندا له وهو ما قهرني حتى إستبديت به... فقاطعني إلى غير رجعة... لم يدم فرحي كثيرا بحريتي بعد وفاته . فلقد إنتكس ولدي مرة أخرى وما كان منه إلا أن سافر به إلى نفس البلاد ونفس الطبيب حيث أنه أقرب الناس إليه..وإكتشف أن الولد عاد له نفس المرض العضال..فقرر إستمرار علاجه كما لو أن أبوه لم يمت. و كان له ما كان ... وإستخرج لي فتوة للسفر أثناء العدة لأكون بجوار ولدي أثناء علاجه ، لكنه لم يكن وحده بل جعل لنفسه رفيقا من الأسرة بإستمرار وهو صاحب رؤية و مروءة و شدة و بأس....وكأنه جعله ليكون شاهدا علي وعلى عالمي ..

كنت أرغب أن يكون وحده حتى أستطيع أن أقضي معه الوقت الطويل علني أستطيع إكتشاف الغموض الذي يحيط به و أعرف نقاط ضعفه..وهذه الهالة التي يديرها الناس حوله... فرغم السنوات الطويلة التي عشتها داخل الأسرة إلا أنني لم أستطع إكتشافه بالصورة الصحيحة والسليمة.. أفكاره ... إتجاهاته... طريقة تفكيره.. فالهيبة والوقار كانا يرتسمان على وجهه رسما ، رغم السنين وإشتعال وجهه ورأسه شيبا وهو لم يتجاوز العقد الخامس فيزيدان من وقاره وهيبته..

إنه يعتبر لدي الصندوق الذي عجزت عن فتحه وولوجه ، وهو الذي أحسب له ألف حساب وحساب ولم أفلح...

لظرف ما ، ولسبب ما ، لم أدرك كنهه غاب رفيقه أياما حيث عاد إلى أرض الوطن.. وبقي هو وحده .. وكنت أتوقع الكثير . فالشتاء فصل البحث عن الدفء .. لياليه الباردة القارسة تدفع كل شيء للبحث عن الدفء . لكنه كان أبيا ، قاسيا بقسوة ليالي ديسمبر.. صخرة من لحم ودم .....

كان يلتف برداء من الصوف الأسود ويجلس على كرسي في رواق المشفى الذي كنت في أحد طوابقه أنا وولدي ، من المساء إلى الصباح ، ومن الصباح إلى المساء. بين يديه كتاب صغير .. عرفت أنه مصحفا قرآنيا كان يقرؤه بإستمرار .

ما هذا ؟ ما هذا الصخر ؟ ما هذا الحجر ؟ لا يقترب من الغرفة التي أشغلها أنا ومرافقي إلا عند حضور الطبيب أو أحد من أهلي... عشرة أيام بلياليها .. لم أكتشف أنه كان يستكشف السر إلا بعد عام أو يزيد.. حيث كشف السر... وفتح الطلسم... فلم أجد بدا من مناصبته العداء ، فإدعيت أنه يتهمني بالمخدرات ويريد أن يأخذ أموالي وممتلكاتي من زوجي...ويشرد بناتي...
الرد مع إقتباس