الموضوع: الأعراب
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 17-12-2005, 02:16 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
Lightbulb الأعراب

يقول القرطبى فى تفسيره لهذه الآية : {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا

حدود ما أنزل اللّه على رسوله } التوبة : 17. ما ملخصه : أن العرب جيل

من الناس ، والنسبة إليهم عربى ، وهم أهل الأمصار، والأعراب منهم سكان

البادية خاصة ، وجاء فى الشعر الفصيح " أعاريب " والنسبة إلى الأعراب

أعرابى ، لأنه لا واحد له ، وليس الأعراب جمعا للعرب ، كما كان الأنباط

جمعا لنبط ، وإنما العرب اسم جنس ، والعرب العاربة هم الخُلَّص منهم

، والمستعربة هم الذين ليسوا بخُلَّص ، وكذلك المتعربة. والأعرابى إذا قيل

له :

يا عربى فرح ، والعربى إذا قيل له يا أعرابى غضب. والمهاجرون والأنصار

عرب لا أعراب. وسميت العرب عربا لأن ولد إسماعيل نشأ من عربة وهى

من تهامة فنسبوا إليها ، وأقامت قريش بعربة ، وهى مكة ، وانتشر سائر

العرب فى جزيرتها.

وقد وصفت الآية الأعراب بأن كفرهم ونفاقهم أشد من كفر العرب ونفاقهم

، لأنهم أبعد عن معرفة السنن ، ولأنهم أقسى قلبا وأجفى قولا وأغلظ طبعا.

ورتب القرطبى على ذلك أحكاما منها : أن شهادة أهل البادية على أهل

الحضر تسقط ولا تقبل ، وأجازها أبو حنيفة ، كما أجازها الشافعى إذا

كان الأعرابى عدلا مرضيا ، وهو الصحيح ، ومنها أن إمامة البدوى لأهل

الحضر ممنوعة ، يعنى لا يصح أن يكون البدوى إماما فى الصلاة للمأمومين

من أهل الحضر، لجهله بالسنة ، وقال مالك : لا يؤم وإن كان أقرأهم ،

وقال سفيان الثورى والشافعى وإسحاق وأصحاب الرأى - الحنفية - الصلاة

خلف الأعرابى جائزة ، واختاره ابن المنذر إذا أقام حدود الصلاة.

يعرف من هذا أن البيئة لها أثر على الإنسان فى عقله وفى سلوكه ، وأن

الجامدين على بيئة واحدة يتأخر تطورهم وتغيُّر أحوالهم ، وأن الاختلاط

بالبيئات الأخرى يؤثر على الفكر والسلوك ويساعد على التطور ، وكلما

كان التطور نحو الأفضل وهو هدى اللّه لعباده كان ممدوحا.
__________________
معين بن محمد