عرض مشاركة مفردة
  #69  
قديم 17-12-2005, 05:01 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أثر العسكر في تردي أوضاع العرب :

برز دور العسكر في العصر الحديث ، خلال قرن من الزمان متوافقا مع مجموعة من العوامل التي جعلت من العسكر أقرب الى أن يكونوا العامل الأهم في تردي أوضاع العرب :

1 ـ لقد تزامن ظهورهم كقوة ، متحالفين بالسر مع قوى أرستقراطية ، التقت معهم بالصلة مع المستعمر القديم ولو بتنسيق خارجي نظمته أجهزة المستعمر القديم . لقد تزامن ذلك مع الاستقلال الشكلي الذي حصل مع خروج المستعمر ، دون نصر واضح الا في حالات محدودة في مصر والجزائر و السودان واليمن ، وحالات أقل وضوحا في العراق وسوريا و ليبيا ، وحالات لا تكاد ترى في باقي الدول العربية .. هذا في مرحلة إعلان الاستقلال .

كل هذا جعل تلك القوى تتصرف ، وكأنها لها أحقية حصر وكالة سلعة ما في الاستيراد والبيع و إعادة التفويض .

2 ـ لقد أوجد هذا الشكل من القوى الراهنة مزاجا ، تم التعايش والتعامل معه من قبل أبناء الشعب بلين واعتراف ضمني ، بالسكوت اللامحدود عن حالات التصرف بأموال البلاد ، تحت ذرائع الدواعي الأمنية ، خصوصا بعدما علا الضجيج بالاستعداد للمعركة الحاسمة مع الكيان الصهيوني والتي انتهت حتى إدعاءات قيامها يوما عند هؤلاء .

3 ـ بالمقابل فان القوى التي نبتت في رحم الشعب وتسللت الى أعماق الجيش أو الجيوش العربية ، وتأثرت أو تبنت طرح فكر عقائدي تكون هنا وهناك ، واستطاعت بالتالي انتزاع السيادة من الحرس القديم . ان تلك استلهمت أسلوب تعامل الحرس القديم مع شؤون الدولة ، لا بل وتعاملت مع الوحي الذي كان يلهم الحرس القديم ، في كثير من النماذج .

4 ـ ان الشكلين ، الحرس القديم و أضداده ، قد أسقطوا رؤاهم على كافة مناحي الحياة المدنية ، بل وكان في كثير من الأحيان بعد أن يتعبوا من الحياة العسكرية ، التي غالبا ما كانت تقتصر على الزي العسكري باللباس فقط ، فانهم يتحولون الى الوزارات ، لا لحل مشاكل الوزارات بهم ، بل لحل إشكالية مستقبلهم بوضعهم بتلك الوزارات ..وكان في أحيان أخرى يتزعموا أحزابا ويطوعوا أجهزتها وسياساتها بما يخدم و ضعهم وأهدافهم .

5 ـ لقد تعامل هؤلاء مع وزارات ومنشئات الدولة العربية ، كإقطاعيات بشكل جديد تنمى من خلاله ثرواتهم من خلال العقود والعقود بالباطن ، والتي بنوا من خلالها شبكة حماية من المنتفعين توزعت بربوع البلاد لتبقي الغلبة للنظام ومن يستفيد منه .

6 ـ ان صفقات الأسلحة ، التي كانت تدخل البلدان العربية ، وهي من الدرجة الثانية أو الثالثة ، ولا تفرق هنا مدى درجتها ، طالما ان استخدامها كان محصورا ، في استتباب الأمن ( أمن النظام ، وليس البلاد ) . ان ذلك جعل لتلك القوى حماة خارجيين ، يعتبرونهم كنزا لا ينضب ، اذ من خلالهم يصرفون بقايا سلاحهم الذي لم يعد ذو أهمية استراتيجية لبلادهم ، ولولا جيوش المغفلين أو لصوص البلاد العربية ، لصهرت تلك الدول المتقدمة سلاحها الذي صدرته لنا وتعاملت معه كمواد خام !

7 ـ ان هناك جيوشا خفية مدنية ، تنسق مع القوى الراهنة العسكرية وتحتمي بمن تحتمي بها الأخيرة ، مهمتها تعطيل تطور البلاد مدنيا ، ونموذج (سعيد مالك العلي ) وزير الري العراقي كان نموذجا ذكيا اذ استطاع ان يكون وزيرا منذ أيام العهد الملكي ، الى أن أعدم في السبعينات ، بعدما انكشف أمره في تعطيل إنشاء سد الموصل .

8 ـ لذلك كله ، تكالبت القوى الخارجية و الداخلية المستفيدة ، من خلال ما تبقى من الحرس ( العسكري ) القديم و حلفاءه المدنيين ، في كبح أي محاولة لتطوير التصنيع العسكري في أي بلد عربي .. ونموذج العراق واضح .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس