عرض مشاركة مفردة
  #72  
قديم 20-12-2005, 07:01 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ما هي المرجعية الدينية التي نقصد ؟


ونحن بصدد مناقشة أعمدة البيت ، وهي هنا ذات كناية سياسية بحتة . فلن نهتم بالدرجة الأولى الا الى الإشارة لعلاقة الدين بالدولة ، وهو ما يهمنا بهذا الصدد ، كونه بالوقت الحاضر يأخذ شأوا كبيرا في طرح الكثير من الناشطين سياسيا في مجال التبشير باعتماد الدين ، منحى يأخذ المعطى الأولي .

أما المرجعية الدينية بمفهومها العملي ، فان جذورها تمتد عميقا الى ما بعد وفاة نبي الله ( إدريس ) عليه السلام ، حيث عاش مدة طويلة يعلم الناس تعاليم الله عز وجل ، إضافة الى تعليمهم شؤون الحياة كاملة من فن الخياطة والنجارة والطب وكافة ما يفيدهم في حياتهم . فاحتل بنفوس الناس مكانة إضافية فوق مكانته كرسول من عند الله ، وعندما توفي ، فقد الناس شخصا استثنائيا ، حتى اختلفوا في نشأته وتكوينه ، فمنهم من قال انه ليس بشرا بل ملكا من ملائكة الله ومنهم من قال انه الله نفسه ، وأخيرا خرج لديهم رأي توفيقي ، بأنه وكيل الله في الأرض ، ورفعه الله اليه ليتمثل بنجم أو كوكب ، فبرزت عبادة الكواكب ، والتي كانت الغيوم والنهار يمنع رؤيتها فأقيمت له تماثيل و أصنام الخ .

وقد أخذت تلك الهالة والاختلاف حول (إدريس ) عليه السلام ، والذي أطلقت عليه بقية الشعوب غير العربية ، اسم (هرمس) تتمثل بتنصيب وكيل ، حتى بعد ان بعد أثر (هرمس) مع طول الوقت ، و بعث الرسل من بعده ، فقد برز باسم (البابا) في الديانة المسيحية ، بمختلف طوائفها ، وبرز باسم (الحاخام الأكبر) عند الديانة اليهودية قبل ذلك ، كما برز عند بعض الطوائف الاسلامية ، التي اعتنقت الاسلام من شعوب الهضبة الايرانية ، بمسميات مختلفة ، (آية الله ) أو المرجع الفلاني .. وهي استعاضة واضحة بجذورها الهرمسية .

أما عند أهل السنة المسلمين ، والذين لم ينظروا الى الرسل الا كمبلغين لرسالات الله عز وجل ، فلم يكن الله يحتاج لوسيط بينه وبين العبد ، فلم تظهر تلك المهمة الا في أشكال محدودة ، كما ظهر عند شيخ الأزهر ، ذلك المسجد الذي أسسه أهل الشيعة و أعطوه وظيفة تختلف عن وظائف المساجد عند أهل السنة ، ولما أعيد الصلاة بهذا المسجد بعد توقف طويل ، عادت معها جذور مكانة الإمام ، ولو أن أثرها بقي محدودا على عموم أهل السنة .

ولولا محاولتنا صناعة مقتربات للتجسير لموضوعنا ، لما خضنا بتلك المسألة ، ولكن أصل النظرة تجاه موقف الدين من الدولة ، ينبع عند أهل السنة ، بفحص موقف الصحابة رضوان الله عليهم ، واتخاذ مواقفهم بما فيها ما تم الاختلاف عليه و رجوح آخر الآراء ، كمرجعية تاريخية ، يقاس عليها في اتخاذ المواقف من مسألة الدولة .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس