عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-12-2005, 10:54 PM
يحى عياش يحى عياش غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 592
إفتراضي

ولذا فمن المؤمل من كافة المهتمين بشؤون معركتنا مع أمريكا وأذنابها استيعاب هذه الاستراتيجية جيدًا , فعليها بإذن الله يمكننا اختصار عمر المعركة بتوجيه كافة قوتنا وتركيزنا إلى الأهداف الاقتصادية المحضة التي يراها الكثيرون للأسف غير ذات جدوى , مع توجيه جزءٍ بسيطٍ من هذه الجهود لأهدافٍ أخرى تخدم الهدف الأسمى في المعركة , وأقصد بهذا الضربات التي تحيي العزة في نفوس المسلمين وخاصةً شباب الأمة الغارق في بحور الشهوات والذي أعُدُّه في الحقيقة وقودًا لم يستثمر منه إلا القليل بينما وجهت الكثير من الجهود نحو بائعي عقولهم لمشائخ الطواغيت والذين لا فائدة ترجى من ورائهم إلا أن يشاء الله , هذه الضربات المعنوية تفعل في نفوس الشباب المهزوم أثرًا عظيمًا من حيث لا يشعر ؛ فالكثير من الشباب الغافلين حرَّكه نحو الجهاد صورةٌ مؤثرةٌ أو شريطٌ مرئيٌّ كالمدمرة كول أو بدر الرياض أو منظر اصطدام الطائرات بالمباني الشاهقة , وهؤلاء الشباب الذين أثر هذا المنظر فيهم وإن لم يكونوا يعلموا حقيقة أثر هذه الضربات يكفي أن يتوجهوا بعقولهم وأجسادهم نحو الجهاد ثم هناك يأتي دور التوجيه وتنمية التفكير لدى هؤلاء الأشخاص , ومن الخطأ أن يظل أولئك الشباب على فهمهم البسيط لطبيعة المعركة , ومن يسمع لنداءات الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله يلحظ في حديثه حرصه على توعية المتعاطفين مع التيار الجهادي ويتمثل هذا مثلاً بتوجيه الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله للمجاهدين في دول الخليج وما حولها باستهداف النفط ؛ فالشيخ - في ظني - يستطيع توجيه المجاهدين من خلال الرسائل الخاصة ولكنه حرص على أن يكون التوجيه معلنًا لتستوعب الحشود المنتظرة لإطلالة الشيخ عبر القنوات أو عبر شبكة الإنترنت أهداف الشيخ وأتباعه ؛ فلربما لو أتى التوجيه عبر الرسائل السرية الخاصة ثم تم استهداف الأهداف النفطية لم تتقبل جماهير المتعاطفين هذه الضربة وقد يتجاوز الأمر عدم التقبل إلى المعارضة وانسحاب البعض , هذا الأثر السلبي للضربة يمكن تفاديه بإذن الله بمثل ذلك الخطاب العلني وغيره في كلمات الشيخ وأشرطة المجاهدين الكثير .

بقي هنا أن أرتب الأفكار ليخرج القارئ بفكرةٍ واضحةٍ بعد أن بَعثرتُ عليه أفكاره , فعند النظر في الميادين التي تخوضها القاعدة يمكننا أن نقسمها إلى نوعين :

الأولى : ميادين قتالٍ للاستهداف الاقتصادي غير المباشر : وقد يتعجب الكثيرون من هذا التصنيف حيث لم يُسمَع به من قبل ؛ فتكون الميادين ابتداءً ليست للاستنزاف المباشر كأن تخدم مثلاً الجانب التوعوي ولكنها تخدم الهدف الاقتصادي بشكلٍ غير مباشرٍ , فالمعركة مثلاً على أرض الجزيرة فيما سبق من عملياتٍ هي للتجلية والتوضيح أكثر منها للاستنزاف والنكاية بحيث يظهر للجميع حجم عمالة النظام الحاكم وخيانة العلماء التابعين له والمنظوين تحت لوائه بل وحتى الساكتين عن إجرامه المحاربين للمجاهدين في كل مكانٍ من أجل عرضٍ من الدنيا يسيرٍ .

وهي للتوعية كذلك من أجل أن يعيش شعب الجزيرة جوَّ المعركة فيقدم حينها أبناءَهُ وقودًا لها وهذا ما حصل فعلاً في الداخل والخارج أي في الجزيرة والعراق , وبهذا نكون قد استثمرنا هذه المعركة لصالحنا من حيث لا يشعر العدو فاستطعنا من خلالها استنهاض طائفةٍ ليست بالقليلة من شباب الحرمين والذين يعوَّل عليهم بإذن الله في المعركة الكثير وهذا ما أشار إليه الشيخ أسامة حفظه الله بقوله ( أمريكا بدخولها في صراعٍ مع أبناء الحرمين سوف تنسى أهوال فيتنام ) , وقد نقول عن ميدان أسبانيا مثلاً عبر غزوات مدريد المباركة أنها ليست للاستنزاف , ولكن دفع الشعب الأسباني لمنع حكومته عن التحالف مع اللصوص الأمريكان تعدُّ خدمةً للهدف الاقتصادي بشكلٍ غير مباشرٍ بالتفرُّد بأمريكا في ميدان المعركة وتخلي الحلفاء عن دعمهم لهؤلاء اللصوص , أما عن بريطانيا فالعمليات فيها هي دعمٌ لهذا الهدف الذي تحصَّل من غزوات مدريد مع تمريغ الغطرسة الإنجليزية في التراب وتعرية قدراتهم الأمنية أمام الشعوب الأوروبية , خصوصًا بعد رفض حكوماتهم لهدنة الشيخ أسامة والتي ستدفع تلك الشعوب الثمن غاليًا برفضهم لهذه الفرصة التاريخية , أما العراق ففي الأمر اختلافٌ واضحٌ فالوضع هناك يلهب مشاعر المسلمين ويزيد من الحنق على أمريكا وأذنابها في المنطقة ويبرز القيادة الحقيقية للأمة متمثلةً في المجاهدين بقيادة الأسد الهزبر قرة عيون الموحدين أبي مصعبٍ الزرقاوي حفظه الله مع توفر النوع الآخر من أنواع الميادين فيها أيضًا وهو :

الثاني : ميادين قتالٍ لاستنزاف العدو اقتصاديًا : فأمريكا على غير العادة اضطرت للنزول إلى ميدان المعركة لمواجهة التيار الجهادي غير المتوقع , وإلا فالتصور الأمريكي للوضع في العراق هو إزاحة عميلٍ سابقٍ حاول المراوغة ولم يقدم كامل الطاعة لأسياده وإحلال عميلٍ جديدٍ يدين بالطاعة تامةً لهم , وبهذا يمكنهم السيطرة على نفط العراق خلال فترةٍ لا تزيد على أشهرٍ معدودةٍ , ولكنها تفاجأت بمن أفسد عليها هذا المخطط فاضطرت للنزول للميدان لمقارعته ولم يزل في ظنها آنذاك أنه بإمكانها إقصاؤه بشكلٍ سريعٍ وهذا ما لم يتم بحمد الله ولن يتم بإذن الله , إذا تصورنا هذا السيناريو الحاصل في العراق أمكننا إدراج ميدان المعركة في العراق ضمن ميادين الاستنزاف الاقتصادي لأن المجاهدين بفضل الله تعالى منعوا العدو الأمريكي من الاستحواذ على قدرٍ كبيرٍ من النفط العراقي كان يؤمل من خلاله سد الثغرة التي أحدثتها ضربات الحادي عشر من سبتمبر ولو مرحليًا حتى يستطيع السيطرة على نفط ما يسمى بالسعودية تمامًا فهو الآن يأخذ ثلثي الكعكة وكان يأمل أن ينال باقي الكعكة بعد أن ينتهي من ترتيب أوراقه في العراق .

وبناءً على ما سبق وبتحقيق النتائج في ميدان جزيرة العرب وكذلك في الميادين الأوروبية بتوعية الشعوب الغربية يتبين أن ميادين الاستهداف غير المباشرة لن تظل إلى الأبد - والله أعلم - لأن الهدف المرجو منها قد حُقِّق وآن الأوان لنقلها إلى ميادين للاستنزاف لتنضم بذلك إلى منظومة الحرب الشاملة التي تخوضها القاعدة والتي استهدفت فيما سبق برجي التجارة العالمية والناقلة الفرنسية للنفط في عدن إلى جانب المعركة على الساحة العراقية التي تمنع العدو من الحصول على جزءٍ كبيرٍ من النفط عبر العمليات كلها عامةً والعمليات التي تستهدف النفط خاصةً كعملية الشيخ يوسف العييري التي استهدفت موانئ البصرة , وآخرًا عمليتا ينبع والخبر المباركتين وما آتته من نتائج على مستوى النفط وإن لم يكن الاستهداف فيهما مباشرًا ولكنه اقتصر على جسٍ النبض لردة فعل الشعوب الإسلامية .

وتجدر الإشارة إلى أن أي عمليةٍ تستهدف أيَّ قطاعٍ أو منشأةٍ في بلدٍ لم يسبق له مواجهة مثل هذه الأعمال يعد استنزافًا للعدو الأكبر أمريكا والدولة المستهدفة نفسها ويكون ذلك لأن تلك الدول ستضطر إلى حماية كافة الأهداف المماثلة والتي قد تستهدف فيما بعد مما يشكل لها استنزافًا اقتصاديًا , ويكون التأثير على أمريكا حين تكون الدولة عاجزةً عن ذلك بنفسها فتضطر إلى إسناد المهمة للأمريكيين لحماية مصالحهم بأنفسهم وهذا ما يحصل فعلاً في عددٍ من الدول كبعض الدول الأفريقية مثلاً ؛ فإذا استُهدِف فندقٌ للسياح الغربيين مثلاً في أندونيسيا سيضطر العدو إلى حماية كل الفنادق التي يقصدها السياح الغربيون في كل الدول التي قد تتعرض لهجماتٍ مماثلةٍ , وقل مثل ذلك عن المجمعات السكنية والمرافق الاقتصادية والسفارات وغيرها .

وأختم بنظرةٍ مستقبليةٍ لعمليات القاعدة أقرؤها من خلال بياناتهم وعملياتهم الكبرى الماضية والتي أتوقع أن تتركز على الأهداف النفطية في إحدى هذه الدول الثلاث ( الكويت - فنزويلا - ما يسمى بالسعودية ) إضافةً إلى احتمالية استهداف بورصة وول ستريت بشكلٍ أو بآخر والتي تمثل عصب الاقتصاد الأمريكي الداخلي مع الاستمرار في منع اللصوص الأمريكيين من الانتفاع من النفط العراقي بتوجيهٍ وتركيزٍ أكبر من ذي قبل خاصةً مع احتمال انسحاب جزءٍ من القوات الأمريكية من العراق .

تنبيـه : حين أشير إلى أنَّ المعركة مع أمريكا أو مع غيرها هي معركةٌ اقتصاديةٌ فلا أقصد بذلك أنها اقتصاديةٌ لذاتها , بل إن الاقتصاد هو سبيلهم إلى السيطرة على المسلمين والقضاء عليهم , فهي بالتالي معركةٌ دينيةٌ في مقامها الأول والأخير وبكلِّ أشكالها  يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُوْرَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ  , ولا يعدو حرصهم على الانتصار السياسي أو العسكري أو الاقتصادي إلا وسيلةً من وسائل حربهم الصليبية الخبيثة , ولذا لزم التنبيه .