الموضوع: هذا الذي يحدث
عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 23-12-2005, 08:49 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 15

هذا الذي يحدث
15
مرت السنوات وهو يعطي ما في ما في وسعه من جهد بكل قدسية و إلتزام إلى عمله.... حيث كان إلتزامه بالعمل كبيرا جدا ، ولا غلو إذا قيل أنه كان يقدسه أكثر من العبادات... كانت أولويات حياته كلها ، العمل أولا ... فهو يحرم نفسه من الإجازة السنوية من أجل آداء العمل ... يحرم أطفاله من التمتع بالجلوس إليه من أجل العمل... فجل وقته اليومي يقضيه في المصلحة التي يعمل بها، حتى جاء اليوم الذي أوقف فيه عن العمل وجرفه سيل جملة من الجرائم والمخالفات قام بها مجموعة من الناس في مناطق مختلفة لا علاقة له بها مباشرة أو غير مباشرة .. فجنت عليه الوظيفة التي كان يشغلها أنذاك...وأوقف عن العمل بتهم مختلفة من الخيانة إلى عدم الإخلاص ... رغم عدم صحة التهم والتي أثبتتها التحقيقات التي أجريت فيها ... فكان ضحية من ضحايا سوء التحقيق و التحقق .. فالزمن صار زمن إسقاط السيئات من المنحرفين على الطاهرين والأسوياء ... زمن دفع الأبرياء للثمن... ثمن الجد والإخلاص والفضيلة....
أطلق على هذا الزمن من باب التفكه في أحاديثه زمن البحث عن ضحايا.. فقد ضرب الإنحراف أطنابه في جميع المجالات والأماكن من أسفلها إلى أعلاها ... وصار الإنسان السوي النقي محلا للإستخفاف والتهكم والسخرية.....وصار المنحرف ذكرا كان أو أنثى مثلا للكياسة والذكاء والتفاخر به ... فلقد تحول المجتمع إلى مافيات رهيبة إلا من رحم ربي....
فبعد عمر من العطاء جاوز الثلاثة عقود لوطن دخله شابا يافعا وأعطاه أجمل سنوات العمر بلا كلل أو ملل بكل شرف وإخلاص وأمانة ، وجد نفسه في قفص الإتهام بالخيانة وعدم الإخلاص، والذي يعاقب عليهما القانون عقوبات شديدة إذا ما ثبتت..
وبما أنه لم يكن له سند من وجوه المجتمع نظرا لعلاقاته مع أمثاله الذين يطلق عليهم البعض من الذين يمكن القول عنهم أنهم يحترمونهم "المستقيمين " أو " المغفلين" أو " الطيبين".... وهؤلاء لا يستطيعون تحريك ساكن... فليس لديهم مراكز قوة وليس منهم منفعة ، و بالتالي فلا أحد يقدم لهم أو يسدي لهم أي خدمة أو مساعدة. فأقصى ما يمكن أن يقدم إلى هؤلاء هو عدم إعتبارهم أو الإكتراث لهم... وإن حدث ما حدث فلا مناص من التضحية بهم في سبيل نجاة الحاذق المتحذلق و أمثاله من الذين يقتلون الميت ثم يسيرون في جنازته....

وهكذا كانت نهايته الوطنية ، قفص الخيانة وعدم الإخلاص .... من التحقيق في مواضيع لا علاقة له بها إلى توجيه الإتهام... وتحميله مسئولية الغير وحصر ما لديه من منقول عيني ومادي ... إلى العطف عليه من قبل أصحاب هذا القرار حتى يشعرونه بالجرم والإدانة..... وذلك بالقول إننا أوقفناك لمصلحة التحقيق وأبقيناك في بيتك تقديرا وإحتراما لمدة عملك ولسنك ، حيث رأينا أن ذلك أحسن من زجك في السجن ، فقرارك في الحقيقة كان السجن برهن التحقيق ... لكن تدخلنا بكل ما أوتينا لعدم إدخالك السجن ... وعليه فإننا نرجو أن تلتزم بالمكوث في بيتك حتى إذا إحتجنا لك في أي وقت وجدناك بسرعة ولبيت طلبنا..

... إستبداد ... إغتيال للنفس والروح والعقل...كانت الكلمات التي يتمتمها بينه وبين نفسه في هذا الحادث الجلل، اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. حسبي الله ونعم الوكيل ... إنا لله وإنا إليه راجعون.

أما أمام زملائه الذين كان يلتقي بهم بين حين وآخر سواء وجها لوجه أو عبر الهاتف .. فكان يقول لهم أتمنى أن أعدم في الميدان العام حتى أكون عبرة لأمثالي..........
الرد مع إقتباس