هذا الذي يحدث 19
هذا الذي يحدث
19
إستياء شديد يتملكه وإحساس بأنه لا يوجد على وجه الأرض من هو أشد منه إستياءا من غفلته .. ويحز في نفسه بشدة أن يجد نفسه المخلصة تواجه بالتبدد ... بفضل لؤم أهل الغش والخداع وعباقرة المكائد والدسائس ، وغفلة أهل العدل والسلطان ... وتذكر المثل الذي يقول :
يطلقون الفيلة ويحاسبون البراغيث ، ذلك المثل الذي وضعه بين الجدران أكثر من خمس ساعات فوجد أنه ما إستحق هذا الإسم كما إستحقه الآن..
لم يكن إستياءه من سحب لمزايا كا يتمتع بها ، أو هالة كانت تحيط به .... ، بل كان إستياءه في إحساسه بأنه في محيط سوي يدعم المجدين والمخلصين والأوفياء والأسوياء ... ولم يشك يوما في أن هذا المحيط كان يلعن أمثاله في سره ويعتبرهم شواذا ... فما أحمق الإنسان حينما لا يعي حقيقة ما يحاط به....
عاد إلى نفسه ملقيا عن كاهله عبء ذلك الإستياء الذي بعثته في نفسه الخديعة التي مني بها ، مقنعا إياها بالقضاء والقدر... حيث ذلك هو السبيل الأفضل له للإستعانة به وطرد ما ينتابه من الإستياء الذي قد يبحر به إلى الحزن فالندم فالضيق.... فيخاطب نفسه بالقول ... ما أحمق الإنسان حينما يجعل حياته سلسلة من الإستياء لأوهى الأسباب وأتفه الحوادث في دنيا ليس بها ما يستحق ... دنيا تافهة ... زائلة ..... فانية ....
وهكذا لم يكن هناك أسهل عليه من أن يقنع نفسه بأن هذا قضاء وقدر وأن أهون القضاء ما لاضرر منه ...
إلا أن شيئا واحدا لم يستطع تحمله أو إغفاله ، وهو إتهامه بالخيانة وعدم الإخلاص في وطنه ... وهو بريء كل البراءة من تلك التهمة...
أي إثم يندرج من الصدق في القول والإخلاص في العمل من العابثين ؟!!!!!!!!
|