هذا الذي يحدث 21
هذا الذي يحدث
21
ها هو يستفيق من سباته الذي كانوا يعتقدون أنه موته بعد سقوطه في تلك الحفرة.....ها هو يخرج بجلد آخر... و كيف لا والكل غير جلده منذ عقود ... واضح كالشمس... بل كالسواد الممتد الطويل البعيد ... المتناقص ... لم يعد يضع إعتبارات لأي علاقة ، فالعلاقات الحيوانية علاقات قوي وضعيف ، أما قوي مسيطر أو ضعيف مستسلم ... صار لا يخاف شيئا ، بل صار هو الخوف بعينه ... وها هو من جديد في غابة الحياة ... بعد أن إختفت منها براءتها وإنسانيتها وصدقها و إخلاصها ... وإمتلأت ساحاتها بالأشواك والدماء ... ها هو يولد من جديد ... لا يجري ولا يخاف بل يمشي الهوينا بكل ثقة ، لا يخاف الذئاب ، بل الذئاب هي التي صارت تخافه... حتى أضحى لا يلوم نفسه عن لهجة التهكم والسخرية التي صار يتعامل بها مع الآخرين فأحيانا تكون السخرية في أوج المعاناة ، ويصير الضحك في أحلك الظروف نوعا من تخفيف وطأة الألم...
فالصبر هو المعنيّ الوحيد الذي يضاعفه ولا يضعه إلا في مواجهة الظلم والقهر والعار....
فالمرء إذا وجد نفسه فجأة ، أن أمانيه و إخلاصه وجدّه وحلم عمره أن يكون سويا ، قد تخلوا عنه وأن الكنز الذي عاش ينميه ويطوره ويحافظ عليه بعينيه ويخلع عليه خفقات قلبه .. ولا هو بذهب ولا بفضة ، إنما هو مبدأ إنساني يحبه ويتمناه كل إنسان ... فيتحول إلى هزيمة نكراء وتهمة تزكم رائحتها الأنوف .. عندئذ يسقط الصبر وتموت الحكمة ويهون الأمل وينطفيء مصباح الفضيلة في الحياة ....
|