الموضوع: هذا الذي يحدث
عرض مشاركة مفردة
  #24  
قديم 23-12-2005, 09:05 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 22

هذا الذي يحدث
22
إلتقى قبل غروب شمس اليوم مع أحد الجيران بالشارع الذي يسكنه منذ ما يزيد عن العقد ونصف العقد .. فأخذهما الحديث عن الغد 14/2 ... والذي يسمى بيوم عيد الحب على مستوى العالم...

فقال له ماذا تفعل غدا أيها الجار العزيز.. فرد عليه قد أحتفل ... !! ثم إسترسل ، أي حب هذا الذي ما زلنا ننتظر بعد هذا العمر إن مازال في العمر بقية ، و الأنقياء ينقرضون يوما بعد يوم .. أولئك الذين لا يعرفون الكراهية ...الذين لم يمتطوا المرسيدس وال بي إم والأودي وآخر أنواع ، وآخر صيحة في عالم السيارات الفارهة .. والذي يعلم الجميع أنها مسروقة ، حيث تحول المجتمع إلى مجموعة من اللصوص...

أين يمكن إيجاد أولئك الأنقياء الذين كنا نظنهم يسابقون الأرض مشيا على الأقدام في دواخلنا ومدننا ... أو الذين يترجلون من سيارة الربع دينار فنجدهم قد سرقوا ورقة من جيبك لا تسمن ولا تغني من جوع ، أو إعتدوا على شجرة كانت قد غرست منذ شهرين في سبيل تعمير أرض الأجداد والمحافظة عليها ، والعمل بالقول " غرسوا فأكلنا .. ونغرس ليأكلوا..." فأين أيها الجار ، الحب الحقيقي ذلك الذي يستحق الإحتفال ؟؟؟؟؟

أين الحب الذي أفقدنا حتى وطننا وشمسنا الدافئة فيه ؟
أين أولئك الذين كانوا الماء الذي يروي العطشى من هؤلاء الذين لوثوا حتى هواء بلدنا العطر... الذي كان يفوح زهرا وريحانا رغم الفقر وشظف الحياة و قلة الحال ... أين ذلك الياسمين والفل الذي كان يسيج حدائقنا التي تحولت إلى ملاجيء للبؤساء...ومحطات للمنحرين ومقطوعي الفروع..!!!؟؟؟

يطرق جاره رأسه وهو يمتص لفافة تبغ كانت بين إصبعي يده اليمنى ثم ينفثه وهو يرفع رأسه إلى السماء وينظر إليها وإليه نظرة يبعث من تحتها إبتسامة لم تشوه بعد ، لم تعبث بها الأيام ولم تشوهها كبوات الزمن ... فلنحتفل أنا وأنت بعيد الحب.... رغم الكلمة التي ستبعث الهلع دون أدنى شك في نفوس أطفالنا وحتى زوجاتنا اللاتي عاشا معنا ما يزيد عن الربع قرن....فلنحتفل أنا و أنت فقط و أي آخر مثلنا ضحى بأجمل أيام عمره مقابل اللاشيء .. ليكون في آخر أيامه كوال صباطة سيلحق بنا حينما يعلم بذلك......

فلتأكلنا كما تشاء ، فهي أمنا رغم أنوفنا ، كيفما كانت فهي أمنا.... فلتأكلنا مطبوخين أو غير مطبوخين ... مذبوحين أو غير مذبوحين ... مقطعين أو غير مقطعين .... فماضينا حبا لها ... وحاضرنا حبا لها ... ومستقبلنا حبا لها ... و سنبقى من أجلها طاهرين أنقياء أفاضل رغم أنف الحاضرين وكرههم لذلك وأمثالهم من الذين غابوا تحت الأرض وخلفوا والذين لم يخلفوا شيئا والذين لم يولدوا بعد.... وستبقى نفوسنا صافية من أدران الأرقام السرية والمكشوفة وسيارات الموت الفارهة وقلاع الجليد وإستراحات الفساد وإنحناءات التزلف وولائم اللحم البشري الميت والحي...

فيا جاري العزيز.... يا جاري الفاضل الطاهر النقي ... يا جاري الذي حينما أراه يتوقف عنده عمري .. يا جاري ... يا أيها العزيز ، دعني أحتضنك كي لا يفر الحب والنقاء والفضيلة والطهر من بين جنبيك ...

دعني أحتضنك كل يوم .. وكلما ألقاك ... ولنخرج معا مع المحبين والطاهرين والأنقياء والأفاضل ... ومع كل الذين يزرعون الحب والطهر والنقاء في صخب الإزدحام وينتظرون اليوم الآخر ليحفروا بمداد من نار ودم في الذاكرة أن الحب والنقاء والطهر والفضيلة هم ما عرفوا من هذه الحياة....

يا جاري العزيز ، يا جاري الشريف النقي الشامخ ... يا إنسانا لم يعرض نفسه في سوق النخاسة .. يا إنسانا لم يبع كرامته لرياح الزيف والخداع ، يا إنسانا رغم كبواته ينهض وهو يحب طاهرا نقيا فاضلا ، يا إنسانا رغم جراحات الظلم والقهر يرتفع وهو يحب طاهرا نقيا فاضلا ....

إهتف معي ... يحيا الحب...ولا تتركني وحيدا...فالانكماش والتوجس ميراثنا الصحراوي الطويل الذي جعلنا لا نجيد تقديم أنفسنا كما يتطلب الواقع ونبخس أشياءنا ... هو الذي سيجعلنا نرى إنجازاتنا عبر حياتنا الانية شامخة عالية ...وليحا الإنكماش ... والوحدة ... والعزلة ... والحب النقي...
الرد مع إقتباس