علاقات ايران الخارجية في عهد محمد رضا بهلوي
لو نظرنا الى فلسفة الشاه محمد رضا في رسم سياساته الخارجية ، لرأيناها أسيرة لركيزتين اثنتين ، الأولى : إقامة مجد إيراني جديد ليحيي أمجاد فارس القديمة . والثانية : البحث عن دولة ثالثة و توطيد العلاقة معها لاتقاء خطر دولتين حثيثتا التطلع لأن يكون لهما شأن داخل ايران ( بريطانيا و روسيا ) . فكما كان والده يمتن علاقاته لهذا الغرض مع المانيا ، فان محمد رضا وجد ضالته في الولايات المتحدة الأمريكية .
وقد كان لنتائج الحرب العالمية الثانية ، وبروز الحرب الباردة ، وانشاء الكيان الصهيوني في المنطقة ، وقيام حكومات وطنية قومية في المنطقة ، الأثر الأكبر في المضي قدما في تدعيم تلك العلاقات و ما ترتب عليها .
أما الولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد الحرب وظهور النفط و أهميته ، فقد كانت مصالحها تتمثل ب :
1 ـ التوافق بعلاقتها القوية مع ايران ، مع سياسة (ايزنهاور) ملء الفراغ ، خصوصا بعد استقلال الهند و انسحاب بريطانيا فيما بعد من الخليج .
2 ـ منع السوفييت من الوصول لمنابع النفط ، و نصب قواعد محاذية لدولتهم .
3ـ تأسيس طوق تحالفي ضد الاتحاد السوفييتي (حلف بغداد) من باكستان وتركيا و ايران والعراق و الأردن .
4 ـ منع القوى التقدمية والقومية العربية التي تسلمت الحكم من توسيع شأنها والاضرار بمصالح الغرب و الكيان الصهيوني .
5 ـ الاستفادة من النفط الايراني ، بأفضل وجه ، حيث وصلت حصة الولايات المتحدة الى 40% ، كما أسلفنا .
أما ايران فكانت ترمي إضافة لما أسلفنا من وقف التدخلين الروسي (السوفييتي) والبريطاني الى ما يلي :
1 ـ إطلاق يدها في المنطقة العربية ، كخدمة تؤديها للغرب ، وكثمن بنفس الوقت ، وقد تجلى هذا الشكل ، بعدما انسحبت بريطانيا من الخليج ، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة غارقة في حربها في فيتنام ، الامر الذي جعلها تستحسن إنابة ايران في القيام بهذا الدور ، والذي كان يتمثل باحتلال الجزر الثلاث و إثارة القلاقل داخل العراق ، من خلال التجاوزات المستمرة في مياه شط العرب و دعم حركات التمرد . و حث الإيرانيين للهجرة الى دول الخليج ، مقابل دور كانت تقوم به في ملاحقة القوى الثورية ، كما حدث في عمان .
2 ـ غض النظر العالمي عن قمع أي حركة ايرانية معارضة ، وتصفيتها بأبشع الصور ، بل كانت أمريكا تبرر ذلك ، وتصفه بأنه إجراء ضد قوى رجعية متخلفة وكانت تقصد القوى الدينية ، كما جعل ذلك ان ينسحب على الشيوعيين الايرانيين .
3 ـ حصلت ايران على مساعدات قيمة ، مالية ، وعسكرية وتقنية ، و تدريبية مختلفة .
4 ـ لا ننسى انه وبعد الانفراج الدولي في السبعينات بادر الشاه ، بتحسين علاقاته مع الاتحاد السوفييتي ، اذ عقدت صفقة لإنشاء معامل الصلب ، كما حصل على قرضين من السوفييت ، وكان التذاكي بسلوكه واضحا ، حيث أراد ان لا يجعل السوفييت حلفاء للعرب بشكل قد يطال مصالح ايران ، خصوصا بعد تنامي قوة العراق الذي ، شكل هاجسا لهم وللأمريكان و للصهاينة في نفس الوقت .
وهكذا تواصلت العلاقات الايرانية ، على مر التاريخ ، ولم تتغير في تغيير أشكال الحكم ، وكانت تخفي في كل سلوكها الحقد الشعوبي تجاه العرب ، منذ ان تمت البعثة المحمدية ، فاستمرت بتحين الفرص لإثارة القلاقل ، من أجل تحقيق أطماعها .. ولا تزال .
__________________
ابن حوران
|