المنشأ و عقدة التعاظم
المنشأ وعقدة التعاظم
أحيانا أراقب بعض ردود بعض الأعضاء على مساهمات آخرين ، فألحظ على وجه السرعة طبيعة الرد وكيفيته ، و أحاول ربط ردة الفعل تلك ، بمسببها ، فأدخل بالبحث عن المسبب ، فما أجد سوى المنشأ سببا ..
فيصنف الأعضاء عند بعض الأعضاء ، وفق انتمائهم القطري .. ويحاكمون أو يرد عليهم إنطلاقا من رؤية إيبستمولوجية معقدة ، قد تحملهم مثلا وزر أخطاء الفراعنة إن كانوا من القطر المصري الشقيق ، أو تحملهم ضياع الأندلس ، ولم يبق الا ان تطالبهم بدية من قتل بسبب حاكم ما تصادف تواجده مع من يخاطبون وفق اتفاقية سايكس بيكو في نفس البقعة .
ان هذا السلوك ، لا ينم عن تعاطي ثقافي ، يتلاءم مع وحدة التراث ووحدة الأحلام .. فمن الطبيعي أن يكون لكل عضو من الأعضاء مكان إقامة دائم ، او من الطبيعي حتى لو كان بالمهجر ان ينتسب الى مكان مولده . وهو هنا ليس مدين لأحد بالاعتذار عن انتماءه لمجموعة طبيعية . سواء كانت مدينة أو عشيرة أو إقليم ..
وان كان هذا السلوك جائز ، فيستطيع من يوجه له تهمة حسب انتمائه ، أن يجتهد ويبحث في موئل من ينتقده ، ويجد ضالته في رد الصاع بصاعين .. وعندها نصبح هنا وكأننا في معرض للتسابق في نشر أقذر ما لدينا من غسيل !
لو كان الانتماء لقطر ما ، هو عامل يستوجب الغمز بجانب كل أبناءه ، فعندها يصبح هذا القطر في موضع ، لا يتحمل أي سبة أو قدح ، فأبناؤه وهم يتساوون في قدح غيرهم به ، سيتساوون في نعيم من يسودهم ، وهنا تصبح تلك الخاصية مدعاة للمفخرة ، لا مدعاة للتنصل من الانتماء للقطر نفسه !
ولكننا عندما نتخاطب كمثقفين عرب ، فمن الأفضل أن نبتعد عن عقدة التعاظم كوننا ننتمي لقطر لا ينتمي اليه من نخاطب ، ولندرك حكمة البيت العربي :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ...
..... وان خالها تخفى على الناس تعلم
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير الأمة و صلاحها ..
__________________
ابن حوران
|