عرض مشاركة مفردة
  #214  
قديم 03-01-2006, 04:02 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابـــــــــــــع

تأمل رعاك الله، من أُبتلي بشيءٍ من البنات فصبر عليهن , كن له حجاباً من النار, ماسرُ هذا الاهتمام ؟ ولماذا البنات بالذات صلَّى عليك الله يا علم الهدى ! إن نبيِّ الله يدركُ أن صلاحَ البنات له شأنٌ أخر، قد لا يخطرُ ببالِ من يقرأ الحديثَ للوهلة الأولى , ففي صلاحهَّن صلاحٌ للبيت كلهِّ, وفي صلاحهن يتجرعُ دعاةُ الخنا وشرذمةُ الفجور غصصَ الحرمان من اللذَّة الحرام, والوطء النجس، وبصلاحهَّن ترتدُ قوافُل المتاجرينَ بقضيةِ المرأة، وهي تجرُ أذيالَ الخيبة متأبطةً مخططاتِها في التظليلِ والإفساد, تبحثُ عن موطئَ قدمٍ في مكانٍ أخر, فالله الله أيها الأبُ الغيور, أن تنظَر عينٌ خائنةٌ إلى ذرةٍ من جسدِ ابنتكِ المصون, أو تتلذذَ أذنٌ آثمة بصوتِ ابنتك باسمِ الحبِّ، والصداقةِ والغرامِ, فعبر سماعة الهاتف قوضِّت بيوتٌ من أركانِها. وانتهكت أعراضٌ بأسبابها. من أبتلى بشيء من البنات فصبر كن له حجابا من النار, ومن الأحوال التي تستدعي الصبر: الصبرُ على الأذى في سبيلِ الله ، فإنَّ طريق الدعوة مليء بالعقبات , محفوف بالمخاطر والصبر خير علاج معين .

((وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ)) (الأنعام:34)

وأعداءُ هذا الدين، لا يألون جهداً, ولا يدخرون وسعاً في التآمر على هذه الأمة والكيدِ لها, لكنَّ المؤمنَ المصدقَ بوعد الله ووعدِ رسولهِ يقرأُ قولـه تعالى : ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً)) (آل عمران: 120).

فيطمئنَ قلبُه, وتستبشرُ روحُه نعم, لا يضركم كيدهم شيئاً, لكن متى؟ إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا, بيد أنِّ الصبر والتقوى لا يعني كفكفت الدموع، ومعالجَة الآهات, لكنَّ الصبر يعني مواجهةَ الحديدِ بالحديدِ, والنار بالنار, والكيد بكيدٍ مثله , لقد ظللَنا سنواتٍ طويلة ونحنُ نتلقى لكمات يهود وصفعاتِهم دون أن تغنيَ دمُوعنا عنَّا شيئاً, أما اليوم حين تغيرت لُغة الحديثِ مع يهود.

وأدرك المجاهدونَ في فلسطين المعنىَ الحقيقيَ للصبرِ والتقوى, أصبحَ لليهودِ ضحايا وجرحىَ, ودماءٌ وأشلاء, ودموعٌ وبكاء, ، سنتَهم في التأبينِ والإغواء التي كاَدوا ينسُونها .

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .

إن الصبر يحتاجه المؤمن وهو يسمع صباح مساء الدعاوى الكاذبة, والتهم الباطلة, وسيل السباب والشتم مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمع أشد كلامٍ وأقساه, فأتهم بالكذب والافتراء, ووصم بالسحر والشعوذة, ورمي بالجنون والبلاهة , أنت شاعر يا محمد,أنت كاهن يا محمد, أنت مفتر يا محمد، أنت كاذب يا محمد,أنت ساحر يا محمد, أنت مجنون يا محمد, وإزاء هذا السفه الممقوت, والدجل الفاضح ينزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: ((فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)) (طه:130).

فاصبر على ما يقولون فإنه لهم أجلاً لاريب فيه, وموعداً لا يتخلف, ولو تأملت أخي الحبيب, هذه الآية العظيمة قل من يتفطن لها , فبعد أن حث المولى جل وعلا نبيه الكريم على الالتزام بالصبر, ثمّ أمره بعدها مباشرة بمواصلة العمل, فقال: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها, ومن أناء الليل فبسح أطراف النهار لعلك ترضى.

مما يعني: أنَّ قالت السُوء لا ينبغي أن تكون مانعاً من مواصلة المسير, فما هوائهم إلا صيحة في وادٍ, أو نفخة في رماد .

أيها المسلمون : ولو تتبعنا الأحوال التي تقتضي الصبر وتثبطه لطال المقام, وكلاَّ البنان والبنيان, لا كِننا نختم بما بشر به الكريم المنان عباده الصابرين في الدنيا قبل الآخرة, فأما في الدنيا فقد بشر الصابرين بالتمكين في الأرض بعد اندحار الباطل, وأفول شمسه أرجع بذاكرتك إلى الوراء, وتذكر موسى وقومه وقد أصبحت الكلمة كلمتهم, والمقالة مقالتهم بعد أن كُبت الطاغية وجنده , فالأجسام للغرق, والأرواح للحرق, ثم اقرأ حديث مولاك, وهو يصف ذلك المشهد المهيب : (( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)) (لأعراف:137) .

ومن بشائر الصابرين في الدنيا كذلك: نيل, الإمامة وتولي القيادة قال جل وعلاء ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)) (السجدة:24

وأما بشائرهم في الآخرة : فجنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر . وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً, متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا, ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليل, يطاف عليها بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا . قوارير من فضة قدروها تقديرا ويسقون من كأس كان مزاجها كافوراً عينا فيها تسمى سلسبيلا ويطوف عليهم ولدانٌ مخلدون إذا رايتهم حسبتهم لولواً منثورا وإذا رأيت ثم رأيت نعيما ومكلم ... مشكوراً

اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،

اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.

اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور،وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
__________________