عفوا .. إنني لم أسمع بمثل ذلك
عفوا .. إنني لم أسمع بمثل هذا ..
يفاجأ أحيانا أحد المذهولين ، وما أكثرهم ، بأن أحد أصدقائهم أو معارفهم قد فقد عزيزا عليه ، وعندما يصادف ذلك المذهول صديقه ، ويعلم بخبر الوفاة ، فانه يبدي أسفه لعدم معرفة الخبر ، فيسأل : هل نشرتم ذلك الخبر في الصحف ، ويتمنى أن يكون الجواب ( كلا) .. ولكن صاحبه يجيب بنعم .
في كثير من الأحيان و كثير من الأمكنة وخصوصا صالونات الحلاقة ، و مجالس الفاتحة ، و حيث يتجمع مجموعة ينتظرون طائرة للسفر أو ينتظرون في عيادة طبيب أسنان أو في انتظار مأدبة في (عزومة) .
فيبادر أحد المتطوعين ، وغالبا ما يكون قد تعود على هذا الدور ، وتهيأ له من خلال انتقاء الملابس ، وطريقة المباشرة بالحديث وعلو الصوت أو انخفاضه وتركيز النظرات وتشتيتها ، و ابتسامة مصطنعة و توقف وما الى ذلك من المهارات التي يتقنها أمثاله . فيبادر بشتم الأمة و تقديم دلائله على شرذمتها وعجزها واحدا تلو الآخر .. وينشرح صدره عندما لا يجد من يصده ، وقد يكون عدم صده لانشغال المستمعين بشأن يفوق هذره .
ولكن اذا حصل و ان انبرى له أحد الحضور وفند مزاعمه واحدة تلو الأخرى وبين له أن الأمة بخير و الحراك يصل أدق خلاياها ، و التفاؤل له ما يبرره .. يصمت هذا المتشائم المتحذلق ، ويقول عفوا .. فانني لم أسمع بمثل ذلك .. ويأخذ الحديث الى مجرى آخر ، بل ويستعجل الممرض للدخول الى طبيب الأسنان أو يستعجل المضيفين بإحضار الطعام ، وان كان في صالة انتظار في المطار فانه يشغل نفسه بالذهاب للحمام .
__________________
ابن حوران
|