عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 18-01-2006, 06:53 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

القول الثاني : أن السؤال في القبر لهذه الأمة ولغيرها .
وأجاب أصحاب هذا القول عن أدلة القول الأول بأنها لا تدل على الاختصاص بالسؤال لهذه الأمة دون سائر الأمم ، وقوله : " هذه الأمة " إما أن يراد به أمة الناس : أي بني آدم كما في قوله : ( وما من دابةٍ في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] وكل جنس من أجناس الحيوان يسمى أمة ، وإن كان المراد أمته  لم يكن فيه ما ينفي سؤال غيرهم من الأمم ، لأنه إخبار لهم بأنهم يسألون في قبورهم ، وكذلك حديث : " أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " مجرد إخبار لا ينفي سؤال غيرهم ، وهذا القول هو الصواب ، لأن الأدلة تثبته فقد قال الله تعالى في حق آل فرعون : " وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " وقوله صلى الله عليه وسلم : " يهود تعذب في قبورها " فهذه أدلة صريحة لا مراء فيها تدل دلالة قاطعة على فتنة القبر وأنها حق لا جدال فيه ، نسأل الله العظيم الجليل بمنه وكرمه أن يقينا عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات .

القول الثالث : التوقف في هذه المسألة لأن الأدلة في ذلك محتملة وليست قاطعة في الاختصاص ، ففتنة القبر حاصلة لا محالة ولا شك فيها ، فقد تكون خاصة بهذه الأمة وقد تكون خاصة بها وبغيرها . والله أعلم .

صفة سؤال الملكين للميت على ما وردت به الأحاديث :
جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قوله  : " فتعاد روحه ( يعني : الميت ) في جسده ويأتيه ملكان " .
وفي " الصحيحين " من حديث قتادة عن أنس ، أن النبي  قال : " إن الميت إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله " . قال : " فيقول : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة " قال رسول الله  : " فيراهما جميعاً " قال : " فأما الكافر والمنافق ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقولان له : لا دريت ولا تليت .
ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه ، فيصيح صيحة ، فيسمعها من عليها غير الثقلين " .
وفي حديث آخر في " صحيح أبي حاتم : " أتاه ملكان أسودان أزرقان ، يقال : لأحدهما المنكر ، وللآخر : نكير " .
وفي حديث آخر في " المسند " و " صحيح ابن حبان " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  قال : " إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه والصيام عن يمينه والزكاة عن شماله ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان عند رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه ، فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل . ثم يؤتى من يمينه ، فيقول الصيام : ما قبلي مدخل . ثم يؤتى من يساره فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل . ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان : ما قبلي مدخل . فيقال له : اجلس . فيجلس ، وقد مثلت له الشمس وقد أخذت في الغروب ، فيقال له : هذا الرجل الذي كان فيكم ، ما تقول فيه ؟ وماذا تشهد به عليه ؟ فيقول : دعوني حتى أصلي . فيقولون : إنك ستصلي ، أخبرنا عما نسألك عنه .. " الحديث .

فهذه الأحاديث وما جاء بمعناها تدل على مسائل :
1- أن السؤال يحصل حين يوضع الميت في قبره ، وفي هذا رد على أهل البدع كأبي الهذيل والمريسي القائلين : إن السؤال يقع بين النفختين .
2- تسمية الملكين منكر ونكير ، وفي هذا رد على من زعم من المعتزلة أنه لا يجوز تسميتهما بذلك ، أولوا ـ فسروا ـ ما ورد في الحديث بأن المراد بالمنكر تلجلجه إذا سئل والنكير تقريع الملائكة له .
3- أنها ترد روح الميت إليه في قبره حين السؤال ، ويجلس ويستنطق وفي هذا رد على أبي محمد بن حزم حيث نفى ذلك ، إلا إن كان يريد نفي الحياة المعهودة في الدنيا ، فهذا صحيح ، فإن عود الروح إلى بدن الميت ليس مثل عودها إليه في هذه الحياة الدنيا ، وإن كان ذاك قد يكون أكمل من بعض الوجوه ، كما أن النشأة الأخرى ليست مثل هذه النشأة ، وإن كان أكمل منها ، بل كان موطن في هذه الدار وفي البرزخ والقيامة له حكم يخصه ، ولهذا أخبر النبي  أن الميت يوسع له في قبره ويسأل … ونحو ذلك ، وإن كان التراب قد لا يتغير فالأرواح تعاد إلى بدن الميت وتفارقه .