شروط كتابة مواثيق العمل العام :
ونحن لم نزل نتكلم ، فيمن يكون صاحب الإرادة في بناء البيت ، وحتى لا يعترض عليه أحد في المستقبل ، فإننا نتكلم بمعنى آخر عن وثيقة التكليف التي تبرز عندما يعترض أحد عليها ، ليكون الشروع في البناء ، يسير بدقة و بتعاون الجميع و إسهامهم في عملية البناء .
و في هذه الحالة سواء ، كان البيت في مراحل النية من بناءه أو هو مبني بالفعل ، لكن بناءه أوشك على السقوط ، ولا بد من إعادة البناء بأسس أكثر ثباتا ، وبشكل يتحمل ما سيضاف عليه من طبقات في حال البناء الحديث .
ان تلك الوثيقة ، سواء كانت دستور قائم أو مشروع دستور ، أو حتى خطابا يدعو الجميع للمشاركة في صياغة الدستور ، فان ذلك يتطلب شروطا أساسية :
1 ـ توفر الرغبة الصادقة لدى أبناء المجتمع في إيجاد مثل ذلك الدستور ، أو الميثاق الذي يرسم لهم طريق البناء .
2 ـ عدم وجود مؤثرات خارجية ، تتدخل في صيغ كتابة تلك المواثيق ، وتتدخل في تقنين عملية مناقشتها .. فلا دستور ، ولا قوانين توضع في ظل الاحتلال ..
3ـ عزل مؤثرات الدولة القائمة ، في حالة إعادة صياغة الدستور ، أو التقليل من تأثيرها في عمليات الاستفتاء عليه ، وإيجاد هيئات مدنية و قضائية ، من النقابات و منظمات المجتمع المدني و قضاة يشهد بنزاهتهم .
4 ـ إتاحة الفرصة لكل ممثليات المجتمع بصياغة مسوداتها ، والتبشير بها ، ومناقشتها بحرية قبل الوصول الى طرح مشروع واحد للاستفتاء .
5 ـ إحالة مسودة المشروع النهائي قبل الاستفتاء عليه ، لمنظمات المجتمع المدني لشرح فصوله ومواده ، وعدم التدخل في المناقشات الشعبية به ، و تدوين الملاحظات عليه ، وترك المجال لكل أبناء المجتمع للاطلاع على تلك الملاحظات .
6 ـ في حالة أن تبادر الدولة في طرح مثل هذا المشروع ، فعليها أن لا تتذرع بوجود مجلس نواب أو برلمان ، وهو من يكلف بذلك ، بل تدعو الهيئات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني الى المشاركة بكثافة في الصياغة و العمل جنبا لجنب الدولة في ذلك حتى ينتهي المشروع في آخر مراحله . لأن العذر في عدم قبول اقتصار هذا الدور على النواب ، آت من عدم الاعتراف بالصيغ التي أوصلتهم للمجلس اعترافا كاملا .
7 ـ إذا شاءت الدولة أن تثبت حسن نواياها ، فعليها أن تدعم هذا المشروع ماليا ، وتسمح للمتكلمين من كل الأطياف أن يشرحوا وجهات نظرهم في وسائل الاعلام التي تدار من الدولة في حالة مركزية الاعلام ، أو تلزم أجهزة الإعلام الأهلية بهذا النمط من إتاحة الفرصة للجميع أن يبدوا ملاحظاتهم .
خاتمة :
عند هذا فقط سيتم الابتداء ببناء البيت وفق رؤية مجتمعية عامة ، سينظم فيه عندها عمل الأحزاب والنقابات و الهيئات المدنية الأخرى ، وسترسم صلاحيات من هم في قمة هرم السلطة ، وما هي المدة القصوى التي يحكمون بها ، ومتى يحق عزلهم . ويحدد علاقة الدولة بالدين و غيره من المسائل وفق إرادة المجتمع الكلي أو ساكني البيت ..
انتهى
__________________
ابن حوران
|